الْإِسْنَادِ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمُلَيْكِيِّ وَقَالَ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قِبَلِ حفظه.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (?) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (?) غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3)
أَمَّا الْكَلَامُ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ حم اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عز وجل وأنشدوا في ذلك بيتا: [الطويل]
يذكّرني حم والرّمح شاجر ... فهلّا تلاحم قَبْلَ التَّقَدُّمِ «1»
وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنْ بَيَّتُّمُ الليلة فقولوا وحم لا ينصرون» «2» وهذا إسناد صحيح، صفرة وَاخْتَارَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنْ يُرْوَى فَقُولُوا حم لَا يُنْصَرُوا أَيْ إِنْ قُلْتُمْ ذَلِكَ لَا ينصروا جعله جزاء لقوله فقولوا.
وقوله تعالى: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ أَيْ تَنْزِيلُ هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ الْقُرْآنُ مِنَ اللَّهِ ذِي الْعِزَّةِ وَالْعِلْمِ فَلَا يُرَامُ جَنَابُهُ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ الذَّرُّ وَإِنْ تَكَاثَفَ حِجَابُهُ. وَقَوْلُهُ عز وجل: غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ أَيْ يَغْفِرُ مَا سَلَفَ مِنَ الذَّنْبِ وَيَقْبَلُ التَّوْبَةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لمن تاب إليه وخضع لديه. وقوله جل وعلا: شَدِيدِ الْعِقابِ أَيْ لِمَنْ تَمَرَّدَ وَطَغَى وَآثَرَ الحياة الدنيا وعتا عن أوامر الله تعالى وبغى وهذه كقوله: نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ [الْحِجْرِ: 49، 50] يَقْرِنُ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ كَثِيرًا فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ ليبقى العبد بين الرجاء والخوف، وقوله تعالى: ذِي الطَّوْلِ قال ابن عباس رضي الله عنهما يعني السعة والغنى، وهكذا قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ، وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ ذِي الطَّوْلِ يَعْنِي الْخَيْرَ الْكَثِيرَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ ذِي الطَّوْلِ ذي المن. وقال قتادة ذِي النِّعَمِ وَالْفَوَاضِلِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ الْمُتَفَضِّلُ عَلَى عباده المتطول عليهم بما هم فيه من المنة وَالْأَنْعَامِ الَّتِي لَا يُطِيقُونَ الْقِيَامَ بِشُكْرِ وَاحِدَةٍ منها وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها [إبراهيم: 34] الآية.
وقوله جلت عظمته: لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ أَيْ لَا نَظِيرَ لَهُ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ فَلَا إِلَهَ غَيْرَهُ فلا إله