وهي مكية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الم (?) غُلِبَتِ الرُّومُ (?) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4)
بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ (7)
نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ حِينَ غَلَبَ سَابُورُ مَلِكُ الْفُرْسِ عَلَى بِلَادِ الشَّامِ وَمَا وَالَاهَا مِنْ بِلَادِ الْجَزِيرَةِ وَأَقَاصِي بِلَادِ الرُّومِ. وَاضْطَرَّ هِرَقْلَ مَلِكَ الرُّومِ حَتَّى أَلْجَأَهُ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَحَاصَرَهُ فِيهَا مُدَّةً طَوِيلَةً، ثُمَّ عَادَتِ الدَّوْلَةُ لِهِرَقْلَ كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ قَالَ غُلِبَتْ وَغَلَبَتْ، قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ فَارِسُ عَلَى الرُّومِ، لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ أَوْثَانٍ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ، فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَمَا إِنَّهُمْ سَيَغْلِبُونَ» فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لَهُمْ، فَقَالُوا: اجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ أَجَلًا، فَإِنْ ظَهَرْنَا كَانَ لَنَا كَذَا وَكَذَا، وَإِنْ ظَهَرْتُمْ كَانَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا، فَجَعَلَ أَجَلًا خَمْسَ سِنِينَ، فَلَمْ يَظْهَرُوا، فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ «أَلَا جَعَلَتْهَا إِلَى دُونِ- أَرَاهُ قَالَ الْعَشْرِ-» قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الْبِضْعُ مَا دُونَ الْعَشْرِ، ثُمَّ ظَهَرَتِ الرُّومُ بَعْدُ قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ «2» هَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ جَمِيعًا عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ بِهِ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبٍ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو به.