عن سالم عن أبيه عن عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ «كُلُوا جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ» (?) .
وَقَوْلُهُ فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جبير والحسن البصري وقتادة والزهري: يعني فَلْيُسَلِّمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أخبرني أَبُو الزُّبَيْرِ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً، قَالَ:
مَا رَأَيْتُهُ إِلَّا يُوجِبُهُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي زِيَادٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ بَيْتَهُ فَلْيُسَلِّمْ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَوَاجِبٌ إِذَا خَرَجْتُ ثُمَّ دَخَلْتُ أَنْ أُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: لَا، وَلَا آثِرُ وُجُوبَهُ عَنْ أَحَدٍ، وَلَكِنْ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ وَمَا أَدَعُهُ إِلَّا نَاسِيًا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ فَقُلِ: السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَإِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا دَخَلْتَ بَيْتًا لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ فَقُلِ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ.
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ، إِذَا دَخَلْتَ بَيْتًا لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ فَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا دَخَلْتَ بَيْتًا لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ فَقُلِ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُؤْمَرُ بِذَلِكَ، وحُدِّثْنَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَرُدُّ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عُوَيْدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَوْصَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ خِصَالٍ قَالَ «يَا أَنَسُ أَسْبِغِ الْوُضُوءَ يُزَدْ فِي عُمْرِكَ، وَسَلِّمْ عَلَى مَنْ لَقِيَكَ مِنْ أُمَّتِي تَكْثُرْ حَسَنَاتُكَ، وَإِذَا دَخَلْتَ- يعني بيتك- فسلم على أهلك يَكْثُرْ خَيْرُ بَيْتِكَ، وَصَلِّ صَلَاةَ الضُّحَى فَإِنَّهَا صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ قَبْلَكَ. يَا أَنَسُ ارْحَمِ الصَّغِيرَ وَوُقِّرِ الْكَبِيرَ تَكُنْ مِنْ رُفَقَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
وَقَوْلُهُ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً قَالَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا أَخَذْتُ التَّشَهُّدَ، إِلَّا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً فَالتَّشَهُّدُ فِي الصَّلَاةِ، التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، ثم يدعو لنفسه ويسلم. وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَالَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَالِفُ هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ لما ذكر تعالى ما في هذه السور الْكَرِيمَةِ مِنَ الْأَحْكَامِ الْمُحْكَمَةِ وَالشَّرَائِعِ الْمُتْقَنَةِ الْمُبْرَمَةِ، نبه تعالى عباده عَلَى أَنَّهُ يُبَيِّنُ لِعِبَادِهِ الْآيَاتِ بَيَانًا شَافِيًا ليتدبروها