وَنَظِيرُهُ فِي زِيِّ النِّسَاءِ مَا يَظْهَرُ مِنْ إِزَارِهَا وَمَا لَا يُمْكِنُ إِخْفَاؤُهُ. وَقَالَ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَأَبُو الْجَوْزَاءِ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ الْأَعْمَشِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْها قَالَ:
وَجْهُهَا وَكَفَّيْهَا وَالْخَاتَمُ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي الشَّعْثَاءِ وَالضَّحَّاكِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَغَيْرِهِمْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِلزِّينَةِ الَّتِي نُهِينَ عَنْ إِبْدَائِهَا، كَمَا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فِي قَوْلِهِ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ الزِّينَةُ الْقُرْطُ وَالدُّمْلُجُ وَالْخَلْخَالُ وَالْقِلَادَةُ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: الزِّينَةُ زِينَتَانِ: فَزِينَةٌ لَا يَرَاهَا إِلَّا الزَّوْجُ: الْخَاتَمُ وَالسُّوَارُ، وَزِينَةٌ يَرَاهَا الْأَجَانِبُ وَهِيَ الظاهر من الثياب. وقال الزهري لا يبدين لهؤلاء الذين سمى الله ممن لا تحل لَهُ إِلَّا الْأَسْوِرَةُ وَالْأَخْمِرَةُ والْأَقْرِطَةُ مِنْ غَيْرِ حسر وأما عامة الناس فلا يبدين مِنْهَا إِلَّا الْخَوَاتِمُ.
وَقَالَ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْها الْخَاتَمُ وَالْخَلْخَالُ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَمَنْ تَابَعَهُ أَرَادُوا تَفْسِيرَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَيُسْتَأْنَسُ لَهُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الْإِنْطَاكِيُّ وَمُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانَيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَقَالَ «يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا» (?) وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ، لَكِنْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ هَذَا مُرْسَلٌ خَالِدُ بْنُ دُرَيْكٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، والله أعلم.
وقوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ يَعْنِي الْمَقَانِعَ يُعْمَلُ لها صفات ضاربات على صدورهن لِتُوَارِيَ مَا تَحْتَهَا مِنْ صَدْرِهَا وَتَرَائِبِهَا لِيُخَالِفْنَ شِعَارَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُنَّ لَمْ يَكُنَّ يفعلن ذلك بل كانت المرأة منهن تَمُرُّ بَيْنَ الرِّجَالِ مُسَفِّحَةً بِصَدْرِهَا لَا يُوَارِيهِ شَيْءٌ وَرُبَّمَا أَظْهَرَتْ عُنُقَهَا وَذَوَائِبَ شَعْرِهَا وَأَقْرِطَةَ آذَانِهَا، فَأَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنَاتِ أَنْ يَسْتَتِرْنَ فِي هيئاتهن وأحوالهن كما قال تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ [الْأَحْزَابِ: 59] وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَالْخُمُرُ جَمْعُ خِمَارٍ وَهُوَ مَا يُخَمَّرُ بِهِ أَيْ يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النَّاسُ الْمَقَانِعَ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَلْيَضْرِبْنَ وَلِيَشْدُدْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ يَعْنِي عَلَى النَّحْرِ وَالصَّدْرِ فَلَا يُرَى مِنْهُ شَيْءٌ وَقَالَ البخاري (?) : حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ عن