مآبهم وثوابهم، ونجاهم مِنَ الْعَذَابِ وَحَصَلَ لَهُمْ جَزِيلُ الثَّوَابِ، فَقَالَ: أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها أَيْ حَرِيقَهَا فِي الْأَجْسَادِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عن الحريري عَنِ أَبِي عُثْمَانَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها قَالَ: حَيَّاتٌ عَلَى الصِّرَاطِ تَلْسَعُهُمْ، فَإِذَا لَسَعَتْهُمْ قَالَ حَسَ حَسَ. وَقَوْلُهُ: وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ فَسَلَّمَهُمْ مِنَ الْمَحْذُورِ وَالْمَرْهُوبِ، وَحَصَلَ لَهُمُ الْمَطْلُوبُ وَالْمَحْبُوبُ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنِ ابْنِ عَمِّ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: وَسَمَرَ مَعَ عَلِيٍّ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَرَأَ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ قَالَ: أَنَا مِنْهُمْ وَعُمَرُ مِنْهُمْ وَعُثْمَانُ مِنْهُمْ وَالزُّبَيْرُ مِنْهُمْ وَطَلْحَةُ مِنْهُمْ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْهُمْ، أَوْ قَالَ: سَعْدٌ منهم، قال: أقيمت الصَّلَاةُ، فَقَامَ وَأَظُنُّهُ يَجُرُّ ثَوْبَهُ وَهُوَ يَقُولُ: لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها.
وَقَالَ شُعْبَةُ عَنِ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ الْمَكِّيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى قَالَ: عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا، وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ، وَلَيْسَ بِابْنِ مَاهَكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ عَلِيٍّ فَذَكَرَهُ وَلَفْظُهُ عُثْمَانُ مِنْهُمْ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ فَأُولَئِكَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ يَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ مَرًّا هُوَ أَسْرَعُ مِنَ الْبَرْقِ، وَيَبْقَى الْكُفَّارُ فِيهَا جِثِيًّا، فَهَذَا مُطَابِقٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَتِ استثناء من المعبودين، وخرج منهم عزيز وَالْمَسِيحُ، كَمَا قَالَ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَعُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ ثُمَّ اسْتَثْنَى فَقَالَ: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى فَيُقَالُ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ وَعِيسَى، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ وَالْحَسَنُ وَابْنُ جُرَيْجٍ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى قَالَ نزلت في عيسى ابن مريم وعزيز عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ طَرِيفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ فِي النَّارِ إِلَّا الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ قال:
عيسى وعزيز وَالْمَلَائِكَةُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: عِيسَى وَمَرْيَمُ وَالْمَلَائِكَةُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ.
وَكَذَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي صَالِحٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي ذَلِكَ