إِيمَانٍ» «1» الْحَدِيثَ.

وَقَوْلُهُ: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ أَيْ يُحِيطُ عِلْمًا بِالْخَلَائِقِ كُلِّهِمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً كَقَوْلِهِ: وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ [الْبَقَرَةِ: 255] . وَقَوْلُهُ: وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: خَضَعَتْ وَذَلَّتْ وَاسْتَسْلَمَتِ الْخَلَائِقُ لِجَبَّارِهَا الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، الْقَيُّومُ الَّذِي لَا يَنَامُ، وَهُوَ قَيِّمٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ يُدَبِّرُهُ وَيَحْفَظُهُ، فَهُوَ الْكَامِلُ فِي نَفْسِهِ، الَّذِي كَلُّ شَيْءٍ فَقِيرٌ إِلَيْهِ لَا قِوَامَ لَهُ إِلَّا بِهِ. وَقَوْلُهُ: وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ سَيُؤَدِّي كُلَّ حَقٍّ إِلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَقْتَصَّ لِلشَّاةِ الْجَمَّاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ، وَفِي الْحَدِيثِ «يَقُولُ الله عز وجل: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يُجَاوِزُنِي الْيَوْمَ ظُلْمُ ظَالِمٍ» وَفِي الصَّحِيحِ «إِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» «2» ، وَالْخَيْبَةُ كُلَّ الْخَيْبَةِ مَنْ لَقِيَ الله وهو به مشرك، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لُقْمَانَ: 13] . وَقَوْلُهُ: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً لَمَّا ذَكَرَ الظَّالِمِينَ وَوَعِيدَهُمْ، ثَنَّى بِالْمُتَّقِينَ وَحُكْمِهِمْ، وَهُوَ أَنَّهُمْ لَا يُظْلَمُونَ وَلَا يُهْضَمُونَ، أَيْ لَا يُزَادُ فِي سَيِّئَاتِهِمْ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، فَالظُّلْمُ الزِّيَادَةُ بِأَنْ يُحْمَلَ عليه ذنب غيره، والهضم النقص.

[سورة طه (20) : الآيات 113 الى 114]

وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (113) فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (114)

يقول تعالى: وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْمَعَادِ وَالْجَزَاءِ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَاقِعًا لَا مَحَالَةَ، أَنْزَلْنَا الْقُرْآنَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ فَصِيحٍ لَا لَبْسَ فِيهِ وَلَا عِيَّ، وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَيْ يَتْرُكُونَ الْمَآثِمَ وَالْمَحَارِمَ وَالْفَوَاحِشَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً وَهُوَ إِيجَادُ الطَّاعَةِ وَفِعْلُ الْقُرُبَاتِ فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ أَيْ تَنَزَّهَ وَتَقَدَّسَ الْمَلِكُ الْحَقُّ الَّذِي هُوَ حَقٌّ وَوَعْدُهُ حَقٌّ، وَوَعِيدُهُ حَقٌّ وَرُسُلُهُ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ حَقٌّ، وَعَدْلُهُ تعالى أن لا يُعَذِّبَ أَحَدًا قَبْلَ الْإِنْذَارِ وَبَعْثَةِ الرُّسُلِ، وَالْإِعْذَارِ إِلَى خَلْقِهِ لِئَلَّا يَبْقَى لِأَحَدٍ حُجَّةٌ وَلَا شُبْهَةٌ.

وَقَوْلُهُ: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ

[الْقِيَامَةِ: 16- 19] وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، كان يعالج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015