في هذا كثيرة جدا.

[سورة طه (20) : الآيات 99 الى 101]

كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً (100) خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً (101)

يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَمَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ خَبَرَ مُوسَى وَمَا جَرَى لَهُ مَعَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ عَلَى الْجَلِيَّةِ وَالْأَمْرِ الْوَاقِعِ، كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ الْأَخْبَارَ الْمَاضِيَةَ كَمَا وَقَعَتْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ، هذا وقد آتيناك من لدنا، أي من عِنْدِنَا ذِكْرًا، وَهُوَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الذِي لَا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت: 42] ، الذي لَمْ يُعْطَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مُنْذُ بُعِثُوا إِلَى أَنْ خُتِمُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كِتَابًا مِثْلَهُ، وَلَا أَكْمَلَ مِنْهُ، وَلَا أَجْمَعَ لِخَبَرِ مَا سَبَقَ وَخَبَرِ مَا هُوَ كَائِنٌ، وَحُكْمِ الْفَصْلِ بَيْنَ النَّاسِ مِنْهُ.

وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ أَيْ كَذَّبَ بِهِ وَأَعْرَضَ عَنِ اتِّبَاعِهِ أَمْرًا وَطَلَبًا، وَابْتَغَى الْهُدَى من غَيْرِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ، وَلِهَذَا قَالَ: مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً أَيْ إِثْمًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ [هُودٍ: 17] وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ أَهْلُ الْكِتَابِ وغيرهم، كما قال: لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الْأَنْعَامِ: 19] فَكُلُّ مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ فَهُوَ نَذِيرٌ لَهُ وَدَاعٍ، فَمَنِ اتَّبَعَهُ هُدِيَ وَمَنْ خَالَفَهُ وَأَعْرَضَ عَنْهُ، ضَلَّ وَشَقِيَ فِي الدُّنْيَا وَالنَّارُ مَوْعِدُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلِهَذَا قَالَ:

مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً خالِدِينَ فِيهِ أَيْ لَا مَحِيدَ لَهُمْ عَنْهُ وَلَا انْفِكَاكَ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلًا أَيْ بِئْسَ الْحِمْلُ حِمْلُهُمْ.

[سورة طه (20) : الآيات 102 الى 104]

يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (102) يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً (104)

ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الصُّورِ، فَقَالَ: «قَرْنٌ يُنْفَخُ فِيهِ» «1» . وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ مِنْ رواية أبي هريرة أنه قرن عظيم، الدائرة منه بقدر السموات وَالْأَرْضِ، يَنْفُخُ فِيهِ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ «كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَحَنَى جَبْهَتَهُ، وَانْتَظَرَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نَقُولُ؟ قَالَ «قُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ عَلَى الله توكلنا» «2» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015