وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ حَدَّثَنَا هُذَيْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُمَّانِيُّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرحمن الزهري عن وَلَدِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاصٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا قَالَ عَبْدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلَّا طَلَسَتْ «1» مَا فِي الصَّحِيفَةِ مِنَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى تَسْكُنَ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْحَسَنَاتِ» عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُقَالُ لَهُ الْوَقَّاصِيُّ فِيهِ ضَعْفٌ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ وَزَيْدُ بْنُ أَخْرَمَ قَالَا حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا مَسْتُورُ بْنُ عَبَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ حَاجَةٍ وَلَا دَاجَةٍ «2» فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟» قَالَ: بَلَى. قَالَ «فَإِنَّ هَذَا يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ» تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مستور.
فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (117)
يَقُولُ تَعَالَى فَهَلَّا وُجِدَ مِنَ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ يَنْهَوْنَ عَمَّا كَانَ يَقَعُ بَيْنَهُمْ مِنَ الشُّرُورِ وَالْمُنْكَرَاتِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَقَوْلُهُ: إِلَّا قَلِيلًا أَيْ قَدْ وُجِدَ مِنْهُمْ مَنْ هَذَا الضَّرْبِ قَلِيلٌ لَمْ يَكُونُوا كَثِيرًا وهم الذين أنجاهم الله عند حلول غضبه وفجأة نقمته ولهذا أمر الله تَعَالَى هَذِهِ الْأُمَّةَ الشَّرِيفَةَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آلِ عِمْرَانَ: 104] وَفِي الْحَدِيثِ «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكِرَ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ» «3» وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ.
وَقَوْلُهُ: وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ أَيْ اسْتَمَرُّوا عَلَى ما هم عليه مِنَ الْمَعَاصِي وَالْمُنْكَرَاتِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى إِنْكَارِ أُولَئِكَ حَتَّى فَجَأَهُمُ الْعَذَابُ وَكانُوا مُجْرِمِينَ ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ لَمْ يُهْلِكْ قَرْيَةً إِلَّا وَهِيَ ظَالِمَةٌ لِنَفْسِهَا وَلَمْ يَأْتِ قَرْيَةً مُصْلِحَةً بَأْسُهُ وَعَذَابُهُ قَطُّ حَتَّى يَكُونُوا هُمُ الظَّالِمِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ [هُودٍ: 101] وَقَالَ: وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت: 46] .