الطُّفَيْلِ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْعَقَبَةَ فَلَا يَأْخُذْهَا أَحَدٌ فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُودُهُ حُذَيْفَةُ وَيَسُوقُهُ عَمَّارٌ إِذْ أَقْبَلَ رَهْطٌ مُتَلَثِّمُونَ عَلَى الرَّوَاحِلِ فَغَشَوْا عَمَّارًا وَهُوَ يَسُوقُ برسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل عَمَّارٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَضْرِبُ وُجُوهَ الرَّوَاحِلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحُذَيْفَةَ «قَدْ قَدْ» حَتَّى هَبَطَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا هَبَطَ نَزَلَ وَرَجَعَ عَمَّارٌ فَقَالَ يَا عَمَّارُ: «هَلْ عَرَفْتَ القوم؟» قال: لقد عَرَفْتُ عَامَّةَ الرَّوَاحِلِ وَالْقَوْمُ مُتَلَثِّمُونَ قَالَ «هَلْ تَدْرِي مَا أَرَادُوا؟» قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «أَرَادُوا أَنْ يُنْفِرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى الله عليه وسلم- راحلته فيطرحوه» قال: فسأل عمار رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ كَمْ تَعْلَمُ كَانَ أصحاب العقبة؟ قال: أربعة عشر رجلا فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانُوا خَمْسَةَ عشر قال فعد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةً قَالُوا: وَاللَّهِ مَا سَمِعْنَا مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا عَلِمْنَا مَا أَرَادَ الْقَوْمُ فَقَالَ عَمَّارٌ أَشْهَدُ: أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ الْبَاقِينَ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ.
وَهَكَذَا رَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ نَحْوَ هَذَا، وَأَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أَنْ يَمْشِيَ النَّاسُ فِي بَطْنِ الْوَادِي وَصَعَدَ هُوَ وَحُذَيْفَةُ وَعَمَّارٌ الْعَقَبَةَ، فَتَبِعَهُمْ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ الْأَرْذَلُونَ وَهُمْ مُتَلَثِّمُونَ فَأَرَادُوا سُلُوكَ الْعَقَبَةِ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ عَلَى مُرَادِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ حُذَيْفَةَ فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ فَضَرَبَ وُجُوهَ رَوَاحِلِهِمْ فَفَزِعُوا وَرَجَعُوا مَقْبُوحِينَ، وَأَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُذَيْفَةَ وَعَمَّارًا بِأَسْمَائِهِمْ وَمَا كَانُوا هَمُّوا بِهِ مِنَ الْفَتْكِ بِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَأَمَرَهُمَا أَنْ يكتما عليهم، وكذا رَوَى يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، إِلَّا أَنَّهُ سَمَّى جَمَاعَةً مِنْهُمْ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَذَا قَدْ حُكِيَ فِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَيَشْهَدُ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ بِالصِّحَّةِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ (?) : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ: كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ وَبَيْنَ حُذَيْفَةَ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ:
أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ كَمْ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: أَخْبِرْهُ إذ سألك؟ فقال: كُنَّا نُخْبِرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَإِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ، وَعَذَرَ ثَلَاثَةً قَالُوا: مَا سَمِعْنَا مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَلِمْنَا بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ؟ وَقَدْ كَانَ فِي حَرَّةٍ يمشي فَقَالَ: إِنَّ الْمَاءَ قَلِيلٌ فَلَا يَسْبِقْنِي إِلَيْهِ أَحَدٌ، فَوَجَدَ قَوْمًا قَدْ سَبَقُوهُ فَلَعَنَهُمْ يَوْمَئِذٍ.
وَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ (?) أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُذَيْفَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «فِي أَصْحَابِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدُونَ رِيحَهَا حَتَّى يَلِجَ الجمل في سم الخياط: ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة سراج من نار