ولا بكما ولا عُمْيًا إِلَّا عَنِ الْهُدَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [الْأَنْفَالِ: 23] وَقَالَ فَإِنَّها لَا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الْحَجِّ: 46] وَقَالَ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [الزُّخْرُفِ: 36- 37] .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ أَيْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يَسْمَعُونَ الْحَقَّ وَلَا يَعُونَهُ وَلَا يُبْصِرُونَ الْهُدَى، كَالْأَنْعَامِ السَّارِحَةِ الَّتِي لَا تَنْتَفِعُ بِهَذِهِ الْحَوَاسِّ مِنْهَا إِلَّا فِي الَّذِي يقيتها من ظاهر الحياة الدنيا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً [الْبَقَرَةِ: 171] أَيْ وَمَثَلُهُمْ فِي حَالِ دُعَائِهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ كَمَثَلِ الْأَنْعَامِ إِذَا دَعَاهَا رَاعِيهَا لَا تَسْمَعُ إِلَّا صَوْتَهُ، وَلَا تَفْقَهُ مَا يَقُولُ.

وَلِهَذَا قَالَ فِي هَؤُلَاءِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أي من الدواب لأنها قَدْ تَسْتَجِيبُ مَعَ ذَلِكَ لِرَاعِيهَا إِذَا أَبَسَّ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَفْقَهْ كَلَامَهُ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ، ولأنها تفعل مَا خُلِقَتْ لَهُ إِمَّا بِطَبْعِهَا وَإِمَّا بِتَسْخِيرِهَا بِخِلَافِ الْكَافِرِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا خُلِقَ لِيَعْبُدَ اللَّهَ وَيُوَحِّدَهُ فَكَفَرَ بِاللَّهِ وَأَشْرَكَ بِهِ، وَلِهَذَا مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ مِنَ الْبَشَرِ كَانَ أَشْرَفَ مَنْ مِثْلِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي مَعَادِهِ، وَمَنْ كَفَرَ بِهِ مِنَ الْبَشَرِ كَانَتِ الدَّوَابُّ أَتَمَّ مِنْهُ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ.

[سورة الأعراف (7) : آية 180]

وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (180)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعًا وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» «1» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ أبي الزناد عن الأعرج عنه، ورواه الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْبٍ عَنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ الترمذي في جامعه عَنِ الْجَوْزَجَانِيِّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ شُعَيْبٍ فَذَكَرَ بِسَنَدِهِ مِثْلَهُ.

وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ «يُحِبُّ الْوِتْرَ: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ، الْمُتَكَبِّرُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ الْغَفَّارُ، الْقَهَّارُ الْوَهَّابُ الرَّزَّاقُ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ، الْخَافِضُ الرَّافِعُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، الْحَكَمُ الْعَدْلُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ الْغَفُورُ، الشَّكُورُ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ الْحَفِيظُ الْمَقِيتُ الْحَسِيبُ الْجَلِيلُ الْكَرِيمُ، الرَّقِيبُ الْمُجِيبُ الْوَاسِعُ الْحَكِيمُ، الْوَدُودُ الْمَجِيدُ الْبَاعِثُ الشَّهِيدُ الْحَقُّ، الْوَكِيلُ الْقَوِيُّ الْمَتِينُ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ الْمُحْصِي الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ، الْمُحْيِي الْمُمِيتُ، الْحَيُّ الْقَيُّومُ الْوَاجِدُ الْمَاجِدُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ، الْفَرْدُ الصَّمَدُ، الْقَادِرُ الْمُقْتَدِرُ الْمُقَدِّمُ الْمُؤَخِّرُ الْأَوَّلُ الْآخِرُ، الظاهر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015