تَعْمَلْ» «1» وَقَالَ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» «2» وَلِهَذَا قَدْ: أَرْشَدَ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَنْ يَقُولُوا رَبَّنا لَا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا مَا لَا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ [الْبَقَرَةِ: 286] وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «3» أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: بَعْدَ كُلِّ سُؤَالٍ مِنْ هَذِهِ قَدْ فَعَلْتُ قَدْ فَعَلْتُ، وَقَوْلُهُ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ أي عظموه ووقروه، وقوله وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أَيِ الْقُرْآنَ وَالْوَحْيَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُبَلِّغًا إِلَى النَّاسِ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أَيْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)
يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ يَا مُحَمَّدُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ وَهَذَا خِطَابٌ لِلْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ وَالْعَرَبِيِّ وَالْعَجَمِيِّ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً أَيْ جَمِيعُكُمْ وَهَذَا مِنْ شَرَفِهِ وعظمته صلّى الله عليه وسلّم أَنَّهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَأَنَّهُ مَبْعُوثٌ إِلَى النَّاسِ كافة كما قال الله تَعَالَى: قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الْأَنْعَامِ: 19] وَقَالَ تَعَالَى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ [هُودٍ: 17] وَقَالَ تَعَالَى: وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ [آلِ عِمْرَانَ: 20] .
وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ كَمَا أَنَّ الْأَحَادِيثَ فِي هَذَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ ضَرُورَةً أَنَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ «4» رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عبد الله بن العلاء بن زير حدثني يسر بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: كَانَتْ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مُحَاوَرَةٌ فَأَغْضَبَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ فانصرف عنه عمر مُغْضَبًا فَأَتْبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَغْلَقَ بَابَهُ فِي وَجْهِهِ فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَنَحْنُ عِنْدُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدَ غَامَرَ» أَيْ غَاضَبَ وَحَاقَدَ. قَالَ وَنَدِمَ عُمَرُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، فَأَقْبَلَ حَتَّى سَلَّمَ وَجَلَسَ إلى