مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَبِيلِ مَا تُشَعْبِذُهُ سَحَرَتُهُمْ فَلِهَذَا جَمَعُوا لَهُ السَّحَرَةَ لِيُعَارِضُوهُ بِنَظِيرِ مَا أَرَاهُمْ مِنَ الْبَيِّنَاتِ كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى عن فرعون حيث قَالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يَا مُوسى فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى [طه:

57- 60] وقال تعالى هاهنا:

[سورة الأعراف (7) : الآيات 113 الى 114]

وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (113) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114)

يُخْبِرُ تَعَالَى عَمَّا تَشَارَطَ عَلَيْهِ فِرْعَوْنُ وَالسَّحَرَةُ الَّذِينَ اسْتَدْعَاهُمْ لِمُعَارَضَةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْ غَلَبُوا مُوسَى لَيُثِيبَنَّهُمْ وَلَيُعْطِينَّهُمْ عَطَاءً جَزِيلًا فَوَعَدَهُمْ وَمَنَّاهُمْ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مَا أَرَادُوا ويجعلهم مِنْ جُلَسَائِهِ وَالْمُقَرِّبِينَ عِنْدَهُ فَلَمَّا تَوَثَّقُوا مِنْ فرعون لعنه الله.

[سورة الأعراف (7) : الآيات 115 الى 116]

قالُوا يَا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116)

هَذِهِ مُبَارَزَةٌ مِنَ السَّحَرَةِ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِمْ إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ أَيْ قَبْلَكَ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى [طه: 65] فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَلْقُوا أَيْ أَنْتُمْ أَوَّلًا، قيل الحكمة فِي هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِيَرَى النَّاسُ صَنِيعَهُمْ ويتأملوا فإذا فرغوا مِنْ بَهْرَجِهِمْ وَمُحَالِهِمْ جَاءَهُمُ الْحَقُّ الْوَاضِحُ الْجَلِيُّ بعد التطلب لَهُ وَالِانْتِظَارِ مِنْهُمْ لِمَجِيئِهِ فَيَكُونَ أَوْقَعَ فِي النُّفُوسِ وَكَذَا كَانَ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ أَيْ خَيَّلُوا إلى الأبصار أن ما فعلوا لَهُ حَقِيقَةٌ فِي الْخَارِجِ وَلَمْ يَكُنْ إِلَّا مُجَرَّدَ صَنْعَةٍ وَخَيَالٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى قُلْنا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى [طه: 66- 69] .

قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَلْقَوْا حِبَالًا غِلَاظًا وَخُشُبًا طِوَالًا، قَالَ فَأَقْبَلَتْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى «1» وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: صَفَّ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ سَاحِرٍ مَعَ كُلِّ سَاحِرٍ حِبَالُهُ وَعِصِيُّهُ وَخَرَجَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَهُ أَخُوهُ يَتَّكِئُ عَلَى عَصَاهُ حَتَّى أَتَى الْجَمْعَ وَفِرْعَوْنُ فِي مَجْلِسِهِ مَعَ أَشْرَافِ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ ثُمَّ قَالَ السَّحَرَةُ يَا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ [طه: 65- 67] فَكَانَ أَوَّلُ مَا اخْتَطَفُوا بِسِحْرِهِمْ بَصَرَ مُوسَى وَبَصَرَ فِرْعَوْنَ ثُمَّ أَبْصَارَ الناس بعد ثم ألقى كل رجل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015