وَقَوْلُهُ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ قَالَ السُّدِّيُّ: أَمَّا الْإِثْمُ فَالْمَعْصِيَةُ وَالْبَغْيُ أَنْ تَبْغِيَ عَلَى النَّاسِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ، الْإِثْمُ الْمَعَاصِي كلها وأخبر أن الباغي بغيه عَلَى نَفْسِهِ، وَحَاصِلُ مَا فُسِّرَ بِهِ الْإِثْمُ أَنَّهُ الْخَطَايَا الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْفَاعِلِ نَفْسِهِ، وَالْبَغْيُ هُوَ التَّعَدِّي إِلَى النَّاسِ فَحَرَّمَ اللَّهُ هَذَا وَهَذَا، وقوله تعالى: وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً أي تجعلوا له شركاء في عبادته وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ مِنَ الِافْتِرَاءِ وَالْكَذِبِ مِنْ دَعْوَى أَنَّ لَهُ وَلَدًا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا عِلْمَ لَكُمْ به، كقوله فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ [الحج: 30] الآية.
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (34) يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (36)
يَقُولُ تَعَالَى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَيْ قَرْنٍ وَجِيلٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ أَيْ مِيقَاتُهُمُ الْمُقَدَّرُ لَهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ثُمَّ أَنْذَرَ تَعَالَى بَنِي آدَمَ أنه سَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ رُسُلًا يَقُصُّونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَبَشَّرَ وَحَذَّرَ، فَقَالَ فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ أَيْ تَرَكَ الْمُحَرَّمَاتِ وَفَعَلَ الطَّاعَاتِ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أَيْ كَذَّبَتْ بِهَا قُلُوبُهُمْ وَاسْتَكْبَرُوا عَنِ الْعَمَلِ بِهَا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ أَيْ مَاكِثُونَ فيها مكثا مخلدا.
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (37)
يقول فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أَيْ لَا أَحَدَ أَظْلَمُ، مِمَّنِ افْتَرَى الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ أَوْ كَذَّبَ بآياته الْمُنَزَّلَةِ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَنَالُهُمْ مَا كُتِبَ عَلَيْهِمْ وَكُتِبَ لِمَنْ كذب عَلَى اللَّهِ أَنَّ وَجْهَهُ مُسْوَدٌّ «1» ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ: نَصِيبُهُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ مَنْ عَمِلَ خَيْرًا جُزِيَ بِهِ، وَمِنْ عَمِلَ شَرًّا جُزِيَ بِهِ «2» ، وَقَالَ مجاهد: ما وعدوا به مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ «3» ، وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ «4» .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ قال: عمله ورزقه