أكثرهم واردا» (?) .

وقوله الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ أَيْ لَا يُصَدِّقُونَ بِالْمَعَادِ، وَلَا يَخَافُونَ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَيْ كُلُّ دَابَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْجَمِيعُ عِبَادُهُ وخلقه، وتحت قهره وتصرفه وتدبيره، لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ أَيِ السَّمِيعُ لِأَقْوَالِ عِبَادِهِ، الْعَلِيمُ بِحَرَكَاتِهِمْ وَضَمَائِرِهِمْ وَسَرَائِرِهِمْ، ثم قال تعالى لِعَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الذي بعثه بالتوحيد العظيم وبالشرع القويم، وأمره أن يدعو الناس إلى صراط الله الْمُسْتَقِيمِ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كقوله قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ [الزُّمَرِ: 64] وَالْمَعْنَى لَا أَتَّخِذُ وَلِيًا إِلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَإِنَّهُ فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، أَيْ خَالِقُهُمَا وَمُبْدِعُهُمَا، عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ أَيْ وَهُوَ الرَّزَّاقُ لِخَلْقِهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56] الآية، وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ هَاهُنَا وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ (?) أَيْ لَا يَأْكُلُ.

وَفِي حَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ صَالِحٍ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: دَعَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، مِنْ أَهْلِ قُبَاءٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم على طعام، فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا طَعِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَسَلَ يَدَيْهِ، قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُطْعِمُ وَلَا يَطْعَمُ، وَمَنَّ عَلَيْنَا فَهَدَانَا وأطعمنا، وسقانا من الشراب، وكسانا من العري، وَكُلَّ بَلَاءٍ حَسَنٍ أَبَلَانَا الْحَمْدُ لِلَّهِ غَيْرِ مودع ربي ولا مكافئ وَلَا مَكْفُورٍ، وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا مِنَ الطَّعَامِ، وَسَقَانَا مِنَ الشَّرَابِ، وَكَسَانَا مِنَ الْعُرْيِ، وَهَدَانَا مِنَ الضَّلَالِ، وَبَصَّرَنَا مِنَ الْعَمَى، وَفَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ أَيْ من هذه الأمة وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ يَعْنِي يوم القيامة مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ أي العذاب يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ يعني رحمه الله وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ كَقَوْلِهِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ [آل عمران: 185] والفوز حصول الربح، ونفي الخسارة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015