وَاحِدًا، أَمْ كُلَّ عَامٍ؟ فَقَالَ «لَا بَلْ عَامًا وَاحِدًا، وَلَوْ قُلْتُ: كُلَّ عَامٍ لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَكَفَرْتُمْ» . ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِلَى قَوْلِهِ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «1» . وَقَالَ خُصَيْفٌ، عَنْ مجاهد، عن ابن عباس لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ قَالَ: هِيَ الْبَحِيرَةُ وَالْوَصِيلَةُ وَالسَّائِبَةُ والحام، ألا ترى أنه قال بعدها مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا كَذَا وَلَا كَذَا، قَالَ: وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَقَالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْآيَاتِ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «2» ، يعني عكرمة رحمه الله أن المراد من هذا النَّهْيِ عَنْ سُؤَالِ وُقُوعِ الْآيَاتِ كَمَا سَأَلَتْ قُرَيْشٌ أَنْ يُجْرِيَ لَهُمْ أَنْهَارًا، وَأَنْ يَجْعَلَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَبًا وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَكَمَا سَأَلَتِ الْيَهُودُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً [الْإِسْرَاءِ: 59] وَقَالَ تَعَالَى:

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ [الأنعام: 109- 110- 111] .

[سورة المائدة (5) : الآيات 103 الى 104]

مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (103) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا مَا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (104)

قَالَ الْبُخَارِيُّ «3» : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: الْبَحِيرَةُ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ، فَلَا يَحْلِبُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، والسائبة كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ لَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، كَانَ أول من سيب السوائب» والوصيلة: الناقة البكر تبكر في أول نتاج إبل، بل تُثَنِّي بَعْدُ بِأُنْثَى، وَكَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِطَوَاغِيتِهِمْ إِنْ وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينها ذكر، والحام: فَحْلُ الْإِبِلِ يَضْرِبُ الضِّرَابَ الْمَعْدُودَ، فَإِذَا قَضَى ضِرَابَهُ وَدَعُوهُ لِلطَّوَاغِيتِ وَأَعْفَوْهُ عَنِ الْحَمْلِ، فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَسَمَّوْهُ الْحَامِيَ، وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ به، ثم قال البخاري:

قال لِي أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سمعت سعيدا يخبر بهذا. قال: وقال أبو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015