فَيَتَحَاسَدُوا فَيَقْتَتِلُوا، وَأَنْ يُفْتَحَ لَهُمُ الْكِتَابُ (?) فَيَأْخُذَهُ (?) الْمُؤْمِنُ يَبْتَغِي تَأْوِيلَهُ، {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ [كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الألْبَابِ] (?) } الْآيَةَ، وَأَنْ يَزْدَادَ عِلْمُهُمْ فَيُضَيِّعُوهُ وَلَا يُبَالُونَ عَلَيْهِ " غَرِيبٌ جِدًّا (?) وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ (?) عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ الْعَاصِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ لِيُكَذِّبَ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ فَاعْمَلُوا بِهِ، وَمَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَآمِنُوا بِهِ" (?) .

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَر، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: "وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَيَقُولُ الرَّاسِخُونَ: آمَنَّا بِهِ" (?) وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَلَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ. وَحَكَى ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: "إِنْ تَأْوِيلُهُ إِلَّا عِنْدَ اللَّهِ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ". وَكَذَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ هَذَا الْقَوْلَ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقِفُ عَلَى قَوْلِهِ: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} وَتَبِعَهُمْ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَأَهْلِ الْأُصُولِ، وَقَالُوا: الْخِطَابُ بِمَا لَا يُفْهَمُ بَعِيدٌ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي نجَِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عباس أَنَّهُ قَالَ: أَنَا مِنَ الرَّاسِخِينَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ. وَكَذَا قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ} الَّذِي أَرَادَ مَا أَرَادَ {إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} ثُمَّ رَدُّوا تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ عَلَى مَا عَرَفُوا مِنْ تَأْوِيلِ المُحْكَمَة الَّتِي لَا تَأْوِيلَ لِأَحَدٍ فِيهَا إِلَّا تَأْوِيلٌ وَاحِدٌ، فَاتَّسَقَ بِقَوْلِهِمُ الْكِتَابُ، وَصَدَّقَ بَعْضُهُ (?) بَعْضًا، فَنَفَذَتِ الْحُجَّةُ، وَظَهَرَ بِهِ الْعُذْرُ، وَزَاحَ بِهِ الْبَاطِلُ، وَدُفِعَ بِهِ الْكُفْرُ.

وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ".

وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ فَصَّلَ فِي هَذَا الْمَقَامِ، فَقَالَ: التَّأْوِيلُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ فِي الْقُرْآنِ مَعْنَيَانِ، أَحَدُهُمَا: التَّأْوِيلُ بِمَعْنَى حَقِيقَةِ الشَّيْءِ، وما يؤول أَمْرُهُ إِلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} [يُوسُفَ: 100] وَقَوْلُهُ (?) {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} [الْأَعْرَافِ: 53] أَيْ: حَقِيقَةُ مَا أُخْبَرُوا بِهِ مِنَ أَمْرِ الْمَعَادِ، فإن أريد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015