الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، سَلْ هَذَا: لِمَ كَانَ يُغْلِقُ بَابَهُ دُونِي. وَإِنَّ الْكَافِرَ لَيَتَعَلَّقُ بِالْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ لَهُ: يَا مُؤْمِنُ، إِنَّ لِي عِنْدَكَ يَدًا، قَدْ عَرَفْتَ كَيْفَ كُنْتُ لَكَ فِي الدُّنْيَا؟ وَقَدِ احْتَجْتُ إِلَيْكَ الْيَوْمَ، فَلَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يَشْفَعُ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ حَتَّى يَرُدَّهُ إِلَى [مَنْزِلٍ دُونَ] (?) مَنْزِلِهِ (?) ، وَهُوَ فِي النَّارِ. وَإِنَّ الْوَالِدَ لَيَتَعَلَّقُ بِوَلَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: يَا بُنَيَّ، أَيُّ وَالِدٍ كنتُ لَكَ؟ فَيُثْنِي خَيْرًا، فَيَقُولُ لَهُ: يَا بُنَيَّ إِنِّي قَدِ احْتَجْتُ إِلَى مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنْ حَسَنَاتِكَ أَنْجُو بِهَا مِمَّا تَرَى. فَيَقُولُ لَهُ وَلَدُهُ: يَا أَبَتِ، مَا أَيْسَرَ مَا طَلَبْتَ، وَلَكِنِّي أَتَخَوَّفُ مِثْلَ مَا تَتَخَوَّفُ، فَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُعْطِيَكَ شَيْئًا، ثُمَّ يَتَعَلَّقُ بِزَوْجَتِهِ فَيَقُولُ: يَا فُلَانَةُ -أَوْ: يَا هَذِهِ-أَيُّ زَوْجٍ كُنْتُ لَكِ؟ فَتُثْنِي خَيْرًا، فَيَقُولُ لَهَا: إِنِّي أَطْلُبُ إِلَيْكِ حَسَنَةً وَاحِدَةً تَهَبِينَها لِي، لَعَلِّي أَنْجُو بِهَا مِمَّا تَرَيْنَ. قَالَ: فَتَقُولُ: مَا أَيْسَرَ مَا طَلَبْتَ. وَلَكِنِّي لَا أُطِيقُ أَنْ أُعْطِيَكَ شَيْئًا، إِنِّي أَتَخَوَّفُ مِثْلَ الَّذِي تَتَخَوَّفُ، يَقُولُ اللَّهُ: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا} (?) الْآيَةَ، وَيَقُولُ اللَّهُ: {لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا} [لُقْمَانَ: 33] ، وَيَقُولُ تَعَالَى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الطَّهْرَانِيِّ (?) ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمة، بِهِ.
ثُمَّ قَالَ: {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} (?) أَيْ: إِنَّمَا يَتَّعِظُ بِمَا جِئْتَ بِهِ أُولُو الْبَصَائِرِ وَالنُّهَى، الْخَائِفُونَ مِنْ رَبِّهِمْ، الْفَاعِلُونَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ} أَيْ: ومَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّمَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى نَفْسِهِ، {وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} أَيْ: وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ، وَسَيَجْزِي كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شرًّا فشر.