15

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وعِكْرِمَة، وَعَطَاءٌ وَعَطِيَّةُ العَوْفي، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ: الْقِطْمِيرُ: هُوَ اللِّفَافَةُ الَّتِي تَكُونُ عَلَى نَوَاةِ التَّمْرَةِ، أَيْ: لَا يملكون من السموات وَالْأَرْضِ شَيْئًا، وَلَا بِمِقْدَارِ هَذَا الْقِطْمِيرِ.

ثُمَّ قَالَ: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ} يَعْنِي: الْآلِهَةَ الَّتِي تَدْعُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَسْمَعُونَ (?) دُعَاءَكُمْ (?) ؛ لِأَنَّهَا جَمَادٌ لَا أَرْوَاحَ فِيهَا {وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} أَيْ: لَا يَقْدِرُونَ (?) عَلَى مَا تَطْلُبُونَ مِنْهَا، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} ، أي: يتبرؤون مِنْكُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الْأَحْقَافِ: 5، 6] ، وَقَالَ: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} [مَرْيَمَ: 81، 82] .

وَقَوْلُهُ: {وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} أَيْ: وَلَا يُخْبِرُكَ بِعَوَاقِبِ الْأُمُورِ وَمَآلِهَا وَمَا تَصِيرُ إِلَيْهِ، مثلُ خَبِيرٍ بِهَا.

قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي نَفْسَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَإِنَّهُ أَخْبَرُ بِالْوَاقِعِ لَا مَحَالَةَ.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17) وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18) } .

يُخْبِرُ تَعَالَى بِغَنَائِهِ عَمَّا سِوَاهُ، وَبِافْتِقَارِ الْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا إِلَيْهِ، وَتَذَلُّلِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} أَيْ: هُمْ مُحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ، وَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْهُمْ بِالذَّاتِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} أَيْ: هُوَ الْمُنْفَرِدُ (?) بِالْغِنَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَهُوَ الْحَمِيدُ فِي جَمِيعِ مَا يَفْعَلُهُ وَيَقُولُهُ، وَيُقَدِّرُهُ وَيُشَرِّعُهُ.

وَقَوْلُهُ: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} أَيْ: لَوْ شَاءَ لَأَذْهَبَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَأَتَى بِقَوْمٍ غَيْرِكُمْ، وَمَا هَذَا عَلَيْهِ بِصَعْبٍ وَلَا مُمْتَنِعٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} .

وَقَوْلُهُ: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا} أَيْ: وَإِنْ تَدْعُ نَفْسٌ مُثْقَلَةٌ بِأَوْزَارِهَا إِلَى أَنْ تُسَاعَد عَلَى حَمْلِ مَا عَلَيْهَا مِنَ الْأَوْزَارِ أَوْ بَعْضِهِ، {لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} ، أَيْ: وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا إِلَيْهَا، حَتَّى وَلَوْ كَانَ أَبَاهَا أَوِ ابْنَهَا، كُلٌّ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ وَحَالِهِ، [كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} ] [عَبَسَ: 34-37] . (?)

قَالَ (?) عِكْرِمَةُ فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا} الْآيَةَ، قَالَ: هُوَ الجار يتعلق بجاره يوم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015