75

عَلَى خَلْقِ ذُبَابٍ وَاحِدٍ مَا قَدَرُوا عَلَى ذَلِكَ. كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.

حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا شَرِيك، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَفَعَ الْحَدِيثَ-قَالَ: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ خَلَقَ [خَلْقًا] (?) كَخَلْقِي؟ فَلْيَخْلُقُوا مِثْلَ خَلْقِي ذَرّة، أَوْ ذُبَابَةً، أَوْ حَبَّة" (?) .

وَأَخْرَجَهُ صَاحِبَا الصَّحِيحِ، مِنْ طَرِيقِ عُمَارة، عَنْ أَبِي زُرْعةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي؟ فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، فَلْيَخْلُقُوا شُعَيْرَةً" (?) .

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى أَيْضًا: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} أَيْ: هُمْ عَاجِزُونَ عَنْ خَلْقِ ذُبَابٍ وَاحِدٍ، بَلْ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ عَاجِزُونَ عَنْ مُقَاوَمَتِهِ وَالِانتِصَارِ مِنْهُ، لَوْ سَلَبَهَا شَيْئًا مِنَ الَّذِي عَلَيْهَا مِنَ الطِّيبِ، ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تَسْتَنْقِذَهُ مِنْهُ لَمَا قَدَرَتْ عَلَى ذَلِكَ. هَذَا وَالذُّبَابُ مِنْ أَضْعَفِ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ وَأَحْقَرِهَا وَلِهَذَا [قَالَ: {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} ] (?) .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الطَّالِبُ: الصَّنَمُ، وَالْمَطْلُوبُ: الذُّبَابُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ: الطَّالِبُ: الْعَابِدُ، وَالْمَطْلُوبُ: الصَّنَمُ.

ثُمَّ قَالَ: {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} أَيْ: مَا عَرَفُوا قَدْرَ اللَّهِ وَعَظَمَتَهُ حِينَ عَبَدُوا مَعَهُ غَيْرَهُ، مِنْ هَذِهِ (?) الَّتِي لَا تُقَاوِمُ الذُّبَابَ لِضَعْفِهَا وَعَجْزِهَا، {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} أَيْ: هُوَ الْقَوِيُّ الَّذِي بِقُدْرَتِهِ وَقُوَّتِهِ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ، {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الرُّومِ: 27] ، {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ. إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ} [الْبُرُوجِ: 12، 13] ، {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذَّارِيَاتِ: 58] .

وَقَوْلُهُ: {عَزِيزٌ} أَيْ: قَدْ عَزَّ (?) كُلَّ شَيْءٍ فَقَهَرَهُ وَغَلَبَهُ، فَلَا يُمَانَعُ وَلَا يُغَالَبُ، لِعَظْمَتِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ.

{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ (76) } .

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يَخْتَارُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا فِيمَا يَشَاءُ مِنْ شَرْعِهِ وقَدَره، وَمِنَ النَّاسِ لِإِبْلَاغِ رِسَالَاتِهِ، {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} أَيْ: سَمِيعٌ لِأَقْوَالِ عِبَادِهِ، بَصِيرٌ بِهِمْ، عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ مِنْهُمْ، كَمَا قَالَ: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الْأَنْعَامِ: 124] .

وَقَوْلُهُ: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ} أي: يعلم ما يفعل برسله فيما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015