سَارَةُ، إِذْ نَزَلَ مَنْزِلًا فَأَتَى الْجَبَّارَ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِأَرْضِكَ رَجُلٌ مَعَهُ امْرَأَةٌ أَحْسَنُ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَجَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْمَرْأَةُ مِنْكَ؟ قَالَ: هِيَ أُخْتِي. قَالَ: فَاذْهَبْ فَأَرْسِلْ بِهَا إِلَيَّ، فَانْطَلَقَ إِلَى سَارَةَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ (?) سَأَلَنِي عَنْكِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي فَلَا تُكَذِّبِينِي عِنْدَهُ، فَإِنَّكِ أُخْتِي فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ مُسْلِمٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ، فَانْطَلَقَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي. فَلَمَّا أَنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَرَآهَا أَهْوَى إِلَيْهَا، فَتَنَاوَلَهَا، فَأُخِذَ أَخْذًا شَدِيدًا، فَقَالَ: ادْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّكِ، فَدَعَتْ لَهُ فَأُرْسِلَ، فَأَهْوَى إِلَيْهَا، فَتَنَاوَلَهَا فَأُخِذَ بِمِثْلِهَا أَوْ أَشَدَّ. فَفَعَلَ ذَلِكَ الثَّالِثَةَ فَأُخِذَ، [فَذَكَرَ] (?) مِثْلَ الْمَرَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ (?) فَقَالَ ادْعِي اللَّهَ فَلَا أَضُرُّكِ. فَدَعَتْ، لَهُ فَأُرْسِلَ، ثُمَّ دَعَا أَدْنَى حُجَّابِهِ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي بِإِنْسَانٍ، وَإِنَّمَا (?) أَتَيْتَنِي بِشَيْطَانٍ، أَخْرِجْهَا وَأَعْطِهَا هَاجَرَ، فَأُخْرِجَتْ وَأُعْطِيَتْ هَاجَرَ، فَأَقْبَلَتْ، فَلَمَّا أَحَسَّ إِبْرَاهِيمُ بِمَجِيئِهَا انْفَتَلَ مِنْ صِلَاتِهِ، قَالَ (?) : مَهْيَم؟ قَالَتْ: كَفَى اللَّهُ كَيْدَ الْكَافِرِ الْفَاجِرِ، وَأَخْدَمَنِي هَاجَرَ" قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ (?) وَكَانَ (?) : أَبُو هُرَيْرَةَ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ (?)
{فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (67) } .
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا (?) عَنْ قَوْمِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ قَالَ لَهُمْ مَا قَالَ: {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ} أَيْ: بِالْمَلَامَةِ فِي عَدَمِ احْتِرَازِهِمْ وَحِرَاسَتِهِمْ لِآلِهَتِهِمْ، فَقَالُوا: {إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ} أَيْ: فِي تَرْكِكِمْ لَهَا مُهْمَلَةً لَا حَافِظَ عِنْدَهَا، {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ} أَيْ: ثُمَّ أَطْرَقُوا فِي الْأَرْضِ فَقَالُوا: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ} قَالَ قَتَادَةُ: أَدْرَكَتِ الْقَوْمَ حَيْرَةُ سُوءٍ فَقَالُوا: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ} .
وَقَالَ السُّدِّيُّ: {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ} أَيْ: فِي الْفِتْنَةِ.
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَيْ فِي الرَّأْيِ.
وَقَوْلُ قَتَادَةَ أَظْهَرُ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ حَيْرَةً وَعَجْزًا؛ وَلِهَذَا قَالُوا لَهُ: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ} ، فَكَيْفَ تَقُولُ لَنَا: سَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْطِقُ فَعِنْدَهَا قَالَ لَهُمْ إِبْرَاهِيمُ لَمَّا اعْتَرَفُوا بِذَلِكَ: {أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ} أَيْ: إِذَا كَانَتْ لَا تَنْطِقُ (?) ، وَهِيَ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، فَلِمَ تَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ.
{أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ}