{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نزلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) }
قَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا أَنْكَرَتِ الْعَرَبُ ذَلِكَ، أَوْ مَنْ أَنْكَرَ مِنْهُمْ، وَقَالُوا: اللَّهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ بَشَرًا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ} [يُونُسَ: 2] ، وَقَالَ {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} يَعْنِي: أهل الكتب الماضية: أبشر كَانَتِ الرُّسُلُ الَّتِي أَتَتْكُمْ (?) أَمْ مَلَائِكَةً؟ فَإِنْ كَانُوا مَلَائِكَةً أَنْكَرْتُمْ، وَإِنْ كَانُوا بَشَرًا فَلَا تُنْكِرُوا أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا؟ [وَ] (?) قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} (?) لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا قُلْتُمْ.
وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ الْمُرَادَ بِأَهْلِ الذِّكْرِ: أَهْلُ الْكِتَابِ. وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَالْأَعْمَشُ.
وَقَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ -الذِّكْرُ: الْقُرْآنُ وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِهِ: {إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الْحِجْرِ: 9]-صَحِيحٌ، [وَ] (?) لَكِنْ لَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ لَا يَرْجِعُ فِي إِثْبَاتِهِ بَعْدَ إِنْكَارِهِ إِلَيْهِ.
وَكَذَا قَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ: "نَحْنُ أَهْلُ الذِّكْرِ" -وَمُرَادُهُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَهْلُ الذِّكْرِ-صَحِيحٌ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَعْلَمُ مِنْ جَمِيعِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ، وَعُلَمَاءُ أَهْلِ بَيْتِ الرَّسُولِ، عليهم (?) السلام والرحمة، من