وَحَكَّمَهُمْ عَلَى رِقَابِ الْعِبَادِ، فَصَارُوا أُمَرَاءَ حُكَّامًا، وَكُلٌّ مِنْهُمْ لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا، وَأَخْبَرَ أَنَّ ثَوَابَهُ لِلْمُهَاجِرِينَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ أَعْظَمُ مِمَّا أَعْطَاهُمْ فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ: {وَلأجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ} أَيْ: مِمَّا أَعْطَيْنَاهُمْ فِي الدُّنْيَا {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} أَيْ: لَوْ كَانَ الْمُتَخَلِّفُونَ عَنِ الْهِجْرَةِ مَعَهُمْ يَعْلَمُونَ مَا ادَّخَرَ اللَّهُ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَاتَّبَعَ رَسُولَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ هُشَيْم، عَنِ الْعَوَّامِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ إِذَا أَعْطَى الرَّجُلَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ عَطَاءَهُ (?) يَقُولُ: خُذْ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهِ، هَذَا مَا وَعَدَكَ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا، وَمَا ادَّخَرَ (?) لَكَ فِي الْآخِرَةِ أَفْضَلُ، ثُمَّ قَرَأَ (?) هَذِهِ الْآيَةَ: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (?) .
ثُمَّ وَصَفَهُمْ تَعَالَى فَقَالَ: {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} أَيْ: صَبَرُوا عَلَى أَقَلِّ (?) مَنْ آذَاهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، مُتَوَكِّلِينَ عَلَى اللَّهِ الَّذِي أَحْسَنَ لَهُمُ العاقبة في الدنيا والآخرة.