109

وَفِي حَدِيثِ "الفُتُون"، مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنِ الأصْبَغ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ (?) سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ {فَأَلْقَى عَصَاهُ} فَتَحَوَّلَتْ حَيَّةً عَظِيمَةً فَاغِرَةً فَاهَا، مُسْرِعَةً إِلَى فِرْعَوْنَ، فَلَمَّا رَآهَا فِرْعَوْنُ أَنَّهَا قَاصِدَةٌ إِلَيْهِ، اقْتَحَمَ عَنْ سَرِيرِهِ، وَاسْتَغَاثَ بِمُوسَى أَنْ يَكُفَّهَا [عَنْهُ] (?) فَفَعَلَ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: تَحَوَّلَتْ حَيَّةً عَظِيمَةً مِثْلَ الْمَدِينَةِ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ فِي قَوْلِهِ: {فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ} وَالثُّعْبَانُ: الذَّكَرُ مِنَ الْحَيَّاتِ، فَاتِحَةً فَاهَا، وَاضِعَةً لِحْيها، الْأَسْفَلَ فِي الْأَرْضِ، وَالْآخَرَ عَلَى سُورِ الْقَصْرِ، ثُمَّ تَوَجَّهَتْ نَحْوَ فِرْعَوْنَ لِتَأْخُذَهُ. فَلَمَّا رَآهَا ذُعِرَ مِنْهَا، وَوَثَبَ وَأَحْدَثَ، وَلَمْ يَكُنْ يُحْدث قَبْلَ ذَلِكَ، وَصَاحَ: يَا مُوسَى، خُذْهَا وَأَنَا أُومِنْ بِكَ، وَأُرْسِلْ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَأَخَذَهَا مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَعَادَتْ عَصًا.

وَرَوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُ هَذَا.

وَقَالَ وَهْب بْنُ مُنَبِّه: لَمَّا دَخَلَ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ، قَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ: أَعْرِفُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا} [الشُّعَرَاءِ:18] ؟ قَالَ: فَرَدَّ إِلَيْهِ مُوسَى الَّذِي رَدَّ، فَقَالَ فِرْعَوْنُ: خُذُوهُ، فَبَادَرَهُ مُوسَى {فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ} فَحَمَلَتْ عَلَى النَّاسِ فَانْهَزَمُوا مِنْهَا، فَمَاتَ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا، قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَقَامَ فِرْعَوْنُ مُنْهَزِمًا حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ.

رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِهِ "الزُّهْدِ"، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَفِيهِ غَرَابَةٌ فِي سِيَاقِهِ (?) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: {وَنزعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ} أَيْ: نَزَعَ يَدَهُ: أَخْرَجَهَا مِنْ دِرْعِهِ بَعْدَ مَا أَدْخَلَهَا فِيهِ فَخَرَجَتْ بَيْضَاءُ تَتَلَأْلَأُ مِنْ غَيْرِ بَرَص وَلَا مَرَضٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} [النَّمْلِ:12] (?)

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِ الْفُتُونِ: [أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ جَيْبِهِ فَرَآهَا بَيْضَاءَ] (?) {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} يَعْنِي: مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ، ثُمَّ أَعَادَهَا إِلَى كُمِّهِ، فَعَادَتْ إِلَى لَوْنِهَا الْأَوَّلِ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ.

{قَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) }

أَيْ: قَالَ الْمَلَأُ -وَهُمُ الْجُمْهُورُ وَالسَّادَةُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ -مُوَافِقِينَ لِقَوْلِ فِرْعَوْنَ فِيهِ، بَعْدَ مَا رَجَعَ إِلَيْهِ رَوْعه، وَاسْتَقَرَّ عَلَى سَرِيرِ مَمْلَكَتِهِ (?) بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ لِلْمَلَأِ حَوْلَهُ -: {إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} فَوَافَقُوهُ وَقَالُوا كَمَقَالَتِهِ، وَتَشَاوَرُوا فِي أَمْرِهِ، وَمَاذَا يَصْنَعُونَ فِي أَمْرِهِ، وكيف تكون حيلتهم في إطفاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015