نَاسٌ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، رُوي عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مُرْسَلًا (?) .
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} أَرْسَلَتْ فَارِسُ إِلَى قُرَيْشٍ: أَنْ خَاصِمُوا مُحَمَّدًا وَقُولُوا لَهُ: كَمَا تَذْبَحُ أَنْتَ بِيَدِكَ بِسِكِّينٍ فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا ذَبَحَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، بِشِمْشِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ -يَعْنِي الْمَيْتَةَ -فَهُوَ حَرَامٌ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} قَالَ: الشَّيَاطِينَ مِنْ فارس، وأوليائهم [مِنْ] (?) قُرَيْشٍ (?) .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا سِماك، عَنْ عِكْرِمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} يَقُولُونَ: مَا ذَبَحَ اللَّهُ فَلَا تَأْكُلُوهُ. وَمَا ذَبَحْتُمْ أَنْتُمْ فَكُلُوهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، بِهِ (?) . وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.
وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْيَهُودِ، فَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ (?) ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج: قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: إِنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ كَاتَبُوا فَارِسَ عَلَى الرُّومِ، وكاتبتهم فارس، وكتب فَارِسُ إِلَى مُشْرِكِي قُرَيْشٍ: أَنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ أَمْرَ اللَّهِ، فَمَا ذَبَحَ اللَّهُ بِسِكِّينٍ مِنْ ذَهَبٍ فَلَا يَأْكُلُهُ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ -لِلْمَيْتَةِ وَمَا (?) ذَبَحُوهُ هُمْ يَأْكُلُونَ. فَكَتَبَ بذلك المشركون إلى أصحاب مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَقَعَ فِي أَنْفُسِ نَاسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (?) : {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ [إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ] } (?) وَنَزَلَتْ: {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}
وَقَالَ السُّدِّي فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِلْمُؤْمِنِينَ: كَيْفَ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تَتَّبِعُونَ مَرْضَاةَ اللَّهِ، وَمَا ذَبَحَ اللَّهُ فَلَا تَأْكُلُونَهُ، وَمَا ذَبَحْتُمْ أَنْتُمْ أَكَلْتُمُوهُ؟ فَقَالَ اللَّهُ: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ} فَأَكَلْتُمُ الْمَيْتَةَ {إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}
وَهَكَذَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَالضَّحَّاكُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} أَيْ: حَيْثُ عَدَلْتُمْ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ لَكُمْ وَشَرْعِهِ إِلَى قَوْلِ غَيْرِهِ، فَقَدَّمْتُمْ عَلَيْهِ غَيْرَهُ فَهَذَا هُوَ الشِّرْكُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ [وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ] } (?) [التوبة: 31] .