{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} قَالَ: غَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ، فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: "سَلُونِي، فَإِنَّكُمْ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأَتُكُمْ بِهِ". فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، مِنْ بَنِي سَهْمٍ، يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافة، وَكَانَ يُطْعَن فِيهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَبِي؟ فَقَالَ: "أَبُوكَ فَلَانٌ"، فَدَعَاهُ لِأَبِيهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَبَّلَ رِجْلَهُ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِكَ نَبِيًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا، فَاعْفُ عَنَّا عَفَا اللَّهُ عَنْكَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى رَضِيَ، فَيَوْمَئِذٍ قَالَ: "الْوَلَدُ للفِرَاش وللعاهرِ الحَجَر".
ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا الفَضْل بْنُ سَهْل، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْر، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَة، حَدَّثَنَا أَبُو الجُويرية، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِهْزَاءً، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: مَنْ أَبِي؟ وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضل ناقتُه: أَيْنَ نَاقَتِي؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْآيَةِ كُلِّهَا. تَفَرَّدَ (?) بِهِ الْبُخَارِيُّ. (?)
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ وَرْدَان الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي البَخْتَريّ -وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ-عَنْ (?) عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آلِ عِمْرَانَ: 97] قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، (?) كُلَّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ. فَقَالُوا: أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ، قَالَ: ثُمَّ قَالُوا: أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ فَقَالَ: "لَا وَلَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} إِلَى آخَرِ الْآيَةِ.
وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورِ بْنِ وَرْدَانَ، بِهِ (?) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَسَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ لَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمٍ الهَجَرِيّ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ" فَقَالَ رَجُلٌ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى عَادَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَقَالَ: "مَنِ السَّائِلُ؟ " فَقَالَ: فُلَانٌ. فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْكُمْ مَا أَطَقْتُمُوهُ، وَلَوْ تَرَكْتُمُوهُ لَكَفَرْتُمْ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} حَتَّى خَتَمَ الْآيَةَ.
ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -وَقَالَ: فَقَامَ مِحْصَن الْأَسَدِيُّ-وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ: عُكَاشة بن محْصن-وهو أشبه. (?)