مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطبة مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ، قَالَ "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا" قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ حَنِينٌ. فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: "فَلَانٌ"، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ}
رَوَاهُ النَّضْر وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنْ شُعْبَةَ (?) وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَمُسْلِمٌ، وَأَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، بِهِ. (?)
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا بِشْر، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} الْآيَةَ، قَالَ: فَحَدَّثَنَا أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم سألوه حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: "لَا تَسْأَلُوا الْيَوْمَ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ". فَأَشْفَقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ قَدْ حَضَر، فَجَعَلْتُ لَا أَلْتَفِتُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا إِلَّا وَجَدْتُ كُلًّا لَافًّا رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ يَبْكِي، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ كَانَ يُلاحي فَيُدْعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَنْ أَبِي؟ قَالَ: "أَبُوكَ حُذَافَةُ". قَالَ: ثُمَّ قَامَ عُمَرُ -أَوْ قَالَ: فَأَنْشَأَ عُمَرُ-فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رِبَّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا عَائِذًا بِاللَّهِ -أَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ-مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لم أَرَ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَالْيَوْمِ قَطُّ، صُوِّرَتْ لِيَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَتَّى رَأَيْتُهُمَا دُونَ الْحَائِطِ". أَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ. (?)
وَرَوَاهُ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ بِنَحْوِ ذَلِكَ -أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ-قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقَالَتْ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ: مَا رَأَيْتُ وَلَدًا أَعَقَّ مِنْكَ قَطُّ، أَكُنْتَ تَأْمَنُ أَنْ تَكُونَ أُمُّكَ قَدْ قارفَتْ مَا قارفَ أهلُ الْجَاهِلِيَّةِ فَتَفْضَحُهَا عَلَى رُؤُوسِ النَّاسِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ أَلْحَقَنِي بِعَبْدٍ أَسْوَدَ للحقتُه. (?)
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا قَيْس، عَنْ أَبِي حَصِين، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غَضْبَانُ مُحْمَارٌّ وَجْهُهُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَيْنَ أَبِي (?) ؟ فَقَالَ: "فِي النَّارِ" فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ فَقَالَ: "أَبُوكَ حُذَافَةُ"، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا، إِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِيثو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وشرْك، وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ آبَاؤُنَا. قَالَ: فَسَكَنَ غَضَبُهُ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (?) إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. (?)
وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ (?) مُرْسَلَةً غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ، مِنْهُمْ أَسْبَاطٌ عن السُّدِّي أنه قال في قوله: