فَلَا يَزَالُونَ يُرِيدُونَ الْخُرُوجَ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ شَدَّتِهِ وَأَلِيمِ مَسِّهُ، وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، كُلَّمَا رَفَعَهُمُ اللَّهَبُ فَصَارُوا فِي أَعَالِي (?) جَهَنَّمَ، ضَرَبَتْهُمُ الزَّبَانِيَةُ بِالْمَقَامِعِ الْحَدِيدِ، فَيَرُدُّونَهُمْ (?) إِلَى أَسْفَلِهَا، {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} أَيْ: دَائِمٌ مُسْتَمِرٌّ لَا خُرُوجَ لَهُمْ مِنْهَا، وَلَا مَحِيدَ لَهُمْ عَنْهَا.

وَقَدْ قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُؤتَى بِالرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، كَيْفَ وَجَدْتَ مَضْجَعك؟ فَيَقُولُ: شَرَّ مَضْجَعٍ، فَيَقُولُ: هَلْ تَفْتَدِي بقُراب الْأَرْضِ ذَهَبًا؟ " قَالَ: "فَيَقُولُ: نَعَمْ، يَا رَبُّ! فَيَقُولُ: كَذَبْتَ! قَدْ سَأَلْتُكَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ تَفْعَلْ: فَيُؤْمَرُ بِهِ إِلَى النَّارِ".

رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ (?) مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ (?) بِنَحْوِهِ. وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (?) مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ الدَّسْتَوائي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، بِهِ. وَكَذَا أَخْرَجَاهُ (?) مِنْ طَرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْني، وَاسْمُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، بِهِ. وَرَوَاهُ مَطَر الورَّاق، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِهِ، عَنْهُ.

ثُمَّ رَوَاهُ (?) ابْنُ مَردويه، مِنْ طَرِيقِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ صُهَيب الْفَقِيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم [قَالَ] (?) "يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ قَوْمٌ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ" قَالَ: فَقُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: يَقُولُ اللَّهُ: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا} قَالَ: اتْلُ أَوَّلَ الْآيَةِ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ} الْآيَةَ، أَلَّا إِنَّهُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا.

وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، عَنْ جَابِرٍ (?) وَهَذَا أَبْسَطُ سِيَاقًا.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَنْبَةَ (?) الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرْنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ الْفَقِيرُ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ يُحَدِّثُ، فَحَدَّثَ أَنَّ أُنَاسًا (?) يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ -قَالَ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أُنْكِرُ ذَلِكَ، فَغَضِبْتُ وَقُلْتُ: مَا أَعْجَبُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ أَعْجَبُ مِنْكُمْ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ! تَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ يُخْرِجُ نَاسًا مِنَ النَّارِ، وَاللَّهُ يَقُولُ: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا [وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ] } (?) فَانْتَهَرَنِي أَصْحَابُهُ، وَكَانَ أَحْلَمَهُمْ فَقَالَ: دَعَوُا الرَّجُلَ، إِنَّمَا ذَلِكَ لِلْكُفَّارِ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ} حَتَّى بَلَغَ: {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى قَدْ جَمَعْتُهُ قَالَ: أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} ؟ [الإسراء:79]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015