اللَّهَ أَنْ يُؤْتِيَنِي الْوَسِيلَةَ عَلَى خَلْقِهِ". (?)
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقَيْنِ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَحْرٍ: حَدَّثَنَا شَريك، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فِي الْجَنَّةِ دَرَجَةٌ تُدْعَى الْوَسِيلَةَ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوا لِي الْوَسِيلَةَ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ يُسْكَنُ مَعَكَ؟ قَالَ: "عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ".
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مُنْكَرٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (?)
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ الدَّشْتَكِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا سَعْدُ (?) بْنُ طَرِيف، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الأزْدِي -مَوْلَى سَالِمِ بْنِ ثَوْبان-قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يُنَادِي عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لُؤْلُؤَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا بَيْضَاءُ، وَالْأُخْرَى صَفْرَاءُ، أَمَّا الصَّفْرَاءُ فَإِنَّهَا إِلَى بُطْنَان الْعَرْشِ، وَالْمَقَامُ الْمَحْمُودُ مِنَ اللُّؤْلُؤَةِ الْبَيْضَاءِ سَبْعُونَ أَلْفَ غُرْفَةٍ، كُلُّ بَيْتٍ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، وَغُرَفُهَا وَأَبْوَابُهَا وَأَسِرَّتُهَا وَكَأَنَّهَا (?) مِنْ عِرْقٍ وَاحِدٍ، وَاسْمُهَا الْوَسِيلَةُ، هِيَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَالصَّفْرَاءُ فِيهَا مِثْلُ ذَلِكَ، هِيَ لِإِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ.
وَهَذَا أَثَرٌ غَرِيبٌ أَيْضًا (?)
وَقَوْلُهُ: {وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} لَمَّا أَمَرَهُمْ بِتَرْكِ الْمَحَارِمِ وَفِعْلِ الطَّاعَاتِ، أَمَرَهُمْ بِقِتَالِ الْأَعْدَاءِ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُشْرِكِينَ الْخَارِجِينَ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ، التَّارِكِينَ لِلدِّينِ الْقَوِيمِ، وَرَغَّبَهُمْ فِي ذَلِكَ بِالَّذِي أَعَدَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مِنَ الْفَلَاحِ وَالسَّعَادَةِ الْعَظِيمَةِ الْخَالِدَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ الَّتِي لَا تَبِيد وَلَا تَحُول وَلَا تَزُولُ فِي الْغُرَفِ الْعَالِيَةِ الرَّفِيعَةِ الْآمِنَةِ، الْحَسَنَةِ مَنَاظِرُهَا، الطَّيِّبَةُ مَسَاكِنُهَا، الَّتِي مَنْ سَكَنَهَا يَنْعَم لَا يَيْأَسُ، وَيَحْيَا لَا يَمُوتُ، لَا تَبْلَى ثِيَابُهُ، وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ.
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى بِمَا أَعَدَّ لِأَعْدَائِهِ الْكُفَّارِ مِنَ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أَيْ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا، وَبِمَثَلِهِ لِيَفْتَدِيَ بِذَلِكَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ الَّذِي قَدْ أَحَاطَ بِهِ (?) وَتَيَقَّنَ وُصُولَهُ إِلَيْهِ (?) مَا تُقُبل ذَلِكَ مِنْهُ (?) بَلْ لَا مَنْدُوحَةَ عَنْهُ وَلَا مَحِيصَ لَهُ وَلَا مَنَاصَ (?) ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أَيْ: مُوجِعٌ {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} الآية [الحج:22] ،