(?) الْآيَةَ [قَالَ] (?) مَنْ شَهَرَ السِّلَاحَ فِي قبَّة الْإِسْلَامِ، وَأَخَافُ السَّبِيلَ، ثُمَّ ظُفِرَ بِهِ وَقُدِرَ عَلَيْهِ، فَإِمَامُ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ بِالْخِيَارِ: إِنْ شَاءَ قَتَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ صُلَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ.

وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعي، وَالضَّحَّاكُ. وَرَوَى ذَلِكَ كُلَّهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ، وَحُكِيَ مِثْلُهُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَمُسْتَنَدُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ ظَاهِرَ "أَوْ" لِلتَّخْيِيرِ، كَمَا فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ، كَقَوْلِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [الْمَائِدَةِ: 95] وَقَوْلُهُ فِي كَفَّارَةِ التَّرَفُّهِ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [الْبَقَرَةِ: 196] وَكَقَوْلِهِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: {إِطْعَامُ (?) عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [الْمَائِدَةِ: 89] . [وَ] (?) هَذِهِ كُلُّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ، فَكَذَلِكَ فَلْتَكُنْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: هَذِهِ الْآيَةُ مُنَزَّلَةٌ عَلَى أَحْوَالٍ كَمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ [رَحِمَهُ اللَّهُ] (?) أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ -هُوَ ابْنُ أَبِي يَحْيَى-عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ: إِذَا قَتَلوا وَأَخَذُوا الْمَالَ قُتلوا وَصُلِبُوا، وَإِذَا قَتَلوا وَلَمْ يَأْخُذُوا الْمَالَ قُتلوا وَلَمْ يُصْلَبُوا، وَإِذَا أَخَذُوا الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلُوا قُطعت أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ، وَإِذَا أَخَافُوا السَّبِيلَ وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا نُفُوا مِنَ الْأَرْضِ.

وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَة، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِنَحْوِهِ. وَعَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِي، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، والسُّدِّي، وَعَطَاءٍ الخُراساني، نَحْوَ ذَلِكَ. وَهَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ.

وَاخْتَلَفُوا: هَلْ يُصْلَب حَيًّا ويُتْرَك حَتَّى يَمُوتَ بِمَنْعِهِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، أَوْ بِقَتْلِهِ بِرُمْحٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ يُقْتَلُ أَوَّلًا ثُمَّ يُصْلَبُ تَنْكِيلًا وَتَشْدِيدًا لِغَيْرِهِ مِنَ الْمُفْسِدِينَ؟ وَهَلْ يُصْلَبُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَنْزِلُ، أَوْ يُتْرَكُ حَتَّى يَسِيلَ صَدِيدُهُ؟ فِي ذَلِكَ كُلُّهُ خِلَافٌ مُحَرَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَبِاللَّهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.

وَيَشْهَدُ لِهَذَا التَّفْصِيلِ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ -إِنْ صَحَّ سَنَدُهُ-فَقَالَ:

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعة، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ؛ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَى أَنَسِ [بْنِ مَالِكٍ] (?) يَسْأَلُهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يُخْبِرُهُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أُولَئِكَ النَّفَرِ العُرَنِيِّين -وهم من بَجِيلة-قال أنس: فارتدوا عَنِ الْإِسْلَامِ، وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ، وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ، وَأَخَافُوا السَّبِيلَ، وَأَصَابُوا الْفَرْجَ الْحَرَامَ. قَالَ أَنَسٌ: فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنِ الْقَضَاءِ فِيمَنْ حَارَبَ، فَقَالَ: مَنْ سَرَقَ وَأَخَافَ السَّبِيلَ فَاقْطَعْ يَدَهُ بِسَرِقَتِهِ، وَرِجْلَهُ بِإِخَافَتِهِ، وَمَنْ قَتَلَ فَاقْتُلْهُ، وَمَنْ قَتَلَ وَأَخَافَ السَّبِيلَ وَاسْتَحَلَّ الْفَرْجَ الْحَرَامَ، فَاصْلُبْهُ. (?)

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: (?) {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأرْضِ} قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أَنْ يُطْلَبَ حَتَّى يُقْدَرَ عَلَيْهِ، فيقام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015