فَتَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمْر الْأَعْيُنِ بعدُ.

وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُسْتَرِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ (?) عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامٌ يُقَالُ لَهُ: "يَسار" فَنَظَرَ إِلَيْهِ يُحسن الصَّلَاةَ فَأَعْتَقَهُ، وَبَعَثَهُ (?) فِي لِقَاحٍ لَهُ بالحَرَّة، فَكَانَ بِهَا، قَالَ: فَأَظْهَرَ قَوْمٌ الْإِسْلَامَ مَنْ عُرَينة، وَجَاءُوا وَهُمْ مَرْضَى مَوْعُوكُونَ قَدْ عَظُمَتْ بُطُونُهُمْ، قَالَ: فَبَعَثَ بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى "يَسَارٍ" فَكَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ حَتَّى انْطَوَتْ بُطُونُهُمْ، ثُمَّ عَدَوْا عَلَى "يَسَارٍ" فَذَبَحُوهُ، وَجَعَلُوا الشَّوْكَ فِي عَيْنَيْهِ، ثُمَّ أَطْرَدُوا الْإِبِلَ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آثَارِهِمْ خَيْلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَمِيرُهُمْ كُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الفِهْري، فَلَحِقَهُمْ فَجَاءَ بِهِمْ إِلَيْهِ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ. غَرِيبٌ جِدًّا. (?)

وَقَدْ رَوَى قِصَّةَ الْعُرَنِيِّينَ مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ جَابِرٌ وَعَائِشَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَدِ اعْتَنَى الْحَافِظُ الْجَلِيلُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مردُويه بِتَطْرِيقِ (?) هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا، فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَأَثَابَهُ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيق، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ -وسُئِلَ عَنْ أَبْوَالِ الْإِبِلِ-فَقَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبير عَنِ الْمُحَارِبِينَ فَقَالَ: كَانَ أُنَاسٌ (?) أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: نُبَايِعُكَ عَلَى الْإِسْلَامِ. فَبَايَعُوهُ، وَهُمْ كذَبَة، وَلَيْسَ الْإِسْلَامُ يُرِيدُونَ. ثُمَّ قَالُوا: إِنَّا نَجْتوي الْمَدِينَةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذِهِ اللِّقَاحُ تَغْدُو عَلَيْكُمْ وَتَرُوحُ، فَاشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا" قَالَ: فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ، فَصَرَخَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: قَتَلُوا الرَّاعِيَ، وَاسْتَاقُوا (?) النَّعَمَ. فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنُودي فِي النَّاسِ: أَنْ "يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي". قَالَ: فَرَكِبُوا لَا يَنْتَظِرُ فَارِسٌ فَارِسًا، قَالَ: وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَثَرِهِمْ، فَلَمْ يَزَالُوا يَطْلُبُونَهُمْ حَتَّى أَدْخَلُوهُمْ مَأْمَنَهُمْ، فَرَجَعَ صَحَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَسَرُوا مِنْهُمْ، فَأَتَوْا بِهِمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الْآيَةَ. قَالَ: فَكَانَ نفْيهم: أَنْ نَفَوْهُمْ حَتَّى أَدْخَلُوهُمْ مَأْمَنَهُمْ وَأَرْضَهُمْ، وَنَفَوْهُمْ مِنْ أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَتَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ، وَصَلَبَ، وَقَطَعَ، وسَمَر الْأَعْيُنَ. قَالَ: فَمَا مَثَّل رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبلُ وَلَا بعدُ. قَالَ: وَنَهَى عَنِ المُثْلة، قَالَ: "وَلَا تُمَثِّلُوا (?) بِشَيْءٍ" قَالَ: وَكَانَ أَنَسٌ يَقُولُ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: أَحْرَقَهُمْ بِالنَّارِ بَعْدَ ما قتلهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015