رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} قَالَ السُّدِّيُّ بِإِسْنَادِهِ الْمُتَقَدِّمِ إِلَى الصَّحَابَةِ: لَمَّا مَاتَ الْغُلَامُ تَرَكَهُ بالعَرَاء، وَلَا يَعْلَمُ كَيْفَ يُدْفَنُ، فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابَيْنِ أَخَوَيْنِ، فَاقْتَتَلَا فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَحَفَرَ لَهُ ثُمَّ حَثَى عَلَيْهِ. فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: {قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي} .

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عباس قال: جَاءَ غُرَابٌ إِلَى غُرَابٍ مَيِّتٍ، فبَحَث عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ حَتَّى وَارَاهُ، فَقَالَ الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ: {قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي}

وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَكَثَ يَحْمِلُ أَخَاهُ فِي جِرَابٍ عَلَى عَاتِقِهِ سَنَةً، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ الغُرابين، فَرَآهُمَا يَبْحَثَانِ، فَقَالَ: {أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ} فَدَفَنَ أَخَاهُ.

وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: وَكَانَ يَحْمِلُهُ عَلَى عَاتِقِهِ مِائَةَ سَنَةٍ مَيِّتًا، لَا يَدْرِي مَا يَصْنَعُ بِهِ يَحْمِلُهُ، وَيَضَعُهُ إِلَى الْأَرْضِ حَتَّى رَأَى الْغُرَابَ يَدْفِنُ الْغُرَابَ، فَقَالَ: {يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

وَقَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: لَمَّا قَتَلَهُ نَدِمَ. فَضَمَّهُ إِلَيْهِ حَتَّى أَرْوَحَ، وَعَكَفَتْ عَلَيْهِ الطُّيُورُ وَالسِّبَاعُ تَنْتَظِرُ مَتَى يَرْمِي بِهِ فَتَأْكُلُهُ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ: لَمَّا قَتَلَهُ سُقِط فِي يَدَيْهِ، وَلَمْ يَدْرِ كَيْفَ يُوَارِيهِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ، فِيمَا يَزْعُمُونَ، أَوَّلَ قَتِيلٍ فِي (?) بَنِي آدَمَ وَأَوَّلَ مَيِّتٍ {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} قَالَ: وَزَعَمَ (?) أَهْلُ التَّوْرَاةِ أَنَّ قَيْنًا لَمَّا قَتَلَ أَخَاهُ هَابِيلَ، قَالَ لَهُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: يَا قَيْنُ، أَيْنَ أَخُوكَ هَابِيلُ؟ قَالَ: قَالَ: مَا أَدْرِي، مَا كُنْتُ عَلَيْهِ رَقِيبًا. فَقَالَ اللَّهُ: إِنَّ صَوْتَ دَمِ أَخِيكَ لَيُنَادِيَنِي مِنَ الْأَرْضِ، وَالْآنَ أَنْتَ مَلْعُونٌ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي فَتَحَتْ فَاهَا فَبَلَعَتْ (?) دَمَ أَخِيكَ مِنْ يَدِكَ، فَإِنْ أَنْتَ عَمِلْتَ فِي الْأَرْضِ، فَإِنَّهَا لَا تَعُودُ تُعْطِيكَ حَرْثَهَا حَتَّى تَكُونَ فَزِعًا تَائِهًا فِي الْأَرْضِ.

وَقَوْلُهُ: {فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: عَلَاهُ اللَّهُ بِنَدَامَةٍ بَعْدَ خُسْرَانٍ.

فَهَذِهِ أَقْوَالُ الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَكُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ هَذَيْنَ ابْنَا آدَمَ لِصُلْبِهِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ، وَكَمَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ فِي قَوْلِهِ: "إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْل مِنْ دَمِهَا؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ". وَهَذَا ظَاهِرٌ جَليّ، وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ:

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيع، حَدَّثَنَا سَهْل بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَمْرٍو، عن الحسن -هو البصري-قال: كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015