فَتَرَكَهُ بالعَرَاء. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَعَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ: أَنَّهُ قَتَلَهُ خَنْقًا وَعَضًّا، كَمَا تَقْتُل (?) السِّبَاعُ، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ (?) لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ جَعَلَ (?) يَلْوِي عُنُقَهُ، فَأَخَذَ إِبْلِيسُ دَابَّةً وَوَضَعَ (?) رَأْسَهَا عَلَى حَجَرٍ، ثُمَّ أَخَذَ حَجَرًا آخَرَ فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَهَا حَتَّى قَتَلَهَا، وَابْنُ آدَمَ يَنْظُرُ، فَفَعَلَ بِأَخِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْب، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخَذَ بِرَأْسِهِ لِيَقْتُلَهُ، فَاضْطَجَعَ لَهُ، وَجَعَلَ يَغْمِزُ رَأْسَهُ وَعِظَامَهُ وَلَا يَدْرِي كَيْفَ يَقْتُلُهُ، فَجَاءَهُ (?) إِبْلِيسُ فَقَالَ: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَخُذْ هَذِهِ الصَّخْرَةَ فَاطْرَحْهَا عَلَى رَأْسِهِ. قَالَ: فَأَخَذَهَا، فَأَلْقَاهَا عَلَيْهِ، فشَدَخ رَأْسَهُ. ثُمَّ جَاءَ إِبْلِيسُ إِلَى حَوَّاءَ مُسْرِعًا، فَقَالَ: يَا حَوَّاءُ، إِنَّ قَابِيلَ قَتَلَ هَابِيلَ. فَقَالَتْ لَهُ: وَيْحَكَ. أَيُّ (?) شَيْءٍ يَكُونُ الْقَتْلُ؟ قَالَ: لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يَتَحَرَّكُ. قَالَتْ: ذَلِكَ الْمَوْتُ. قَالَ: فَهُوَ الْمَوْتُ. فَجَعَلَتْ تَصِيحُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا آدَمُ وَهِيَ تَصِيحُ، فَقَالَ: مَا لَكِ؟ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ، فَرَجَعَ (?) إِلَيْهَا مَرَّتَيْنِ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ. فَقَالَ: عَلَيْكِ الصَّيْحَةُ وَعَلَى بَنَاتِكِ، وَأَنَا وَبَنِيَّ مِنْهَا بُرَآءُ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَوْلُهُ: {فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} أَيْ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَيُّ خسارة أعظم من هذه؟ . وقد قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ (?) ووَكِيع قَالَا حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرّة، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُقتَل نَفْسٌ ظُلْمًا، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ".
وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ سِوَى أَبِي دَاوُدَ مِنْ طُرُقٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، بِهِ. (?)
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْج: قَالَ مُجَاهِدٌ: عُلّقت إِحْدَى رِجْلَيِ الْقَاتِلِ بِسَاقِهَا إِلَى فَخِذِهَا مِنْ يَوْمِئِذٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَوَجْهُهُ فِي الشَّمْسِ حَيْثُمَا دَارَتْ دَارَ، عَلَيْهِ فِي الصَّيْفِ حَظِيرَةٌ مِنْ نَارٍ، وَعَلَيْهِ فِي الشِّتَاءِ حَظِيرَةٌ مِنْ ثَلْجٍ -قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: إِنَّا لِنَجِدُ ابْنَ آدَمَ الْقَاتِلَ يُقَاسِمُ أَهْلَ النَّارِ قِسْمَةً صَحِيحَةَ العذابِ، عَلَيْهِ شَطْرُ عَذَابِهِمْ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْد، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ، أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ أَشْقَى أَهْلِ النَّارِ (?) رَجُلًا ابْنُ آدَمَ الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ، مَا سُفِك دَمٌ فِي الْأَرْضِ مُنْذُ قَتَل أَخَاهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، إِلَّا لَحِقَ بِهِ مِنْهُ شَرٌّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنّ الْقَتْلَ. (?)
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: مَا مِنْ مَقْتُولٍ يُقْتَلُ ظُلْمًا، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ والشيطان كِفْل منه.