"لَا تُحرم الرَّضْعَة وَلَا الرَّضْعَتَانِ، والمصَّة (?) وَلَا الْمَصَّتَانِ"، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: "لَا تُحَرِّمُ الإمْلاجَة وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ (?) .

وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بن رَاهْوَيْهِ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَيُحْكَى (?) عَنْ عَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ الْفَضْلِ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ.

وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يُحَرِّمُ أَقَلُّ مِنْ خَمْسِ رَضَعَاتٍ، لِمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرة (?) عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ [اللَّهُ] (?) مِنَ الْقُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ. ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى لِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ.

وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَ ذَلِكَ (?) .

وَفِي حَدِيثِ سَهْلة بِنْتِ سُهَيْلٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تُرضِع مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ (?) وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَأْمُرُ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا أَنْ يُرْضع خَمْسَ رَضَعَاتٍ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ [تَعَالَى] (?) وَأَصْحَابُهُ. ثُمَّ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الرَّضَاعَةُ فِي سِنِّ الصِّغَرِ دُونَ الْحَوْلَيْنِ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ. وَكَمَا (?) قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، عِنْدَ قَوْلِهِ: {يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [الْآيَةَ: 233] .

وَاخْتَلَفُوا: هَلْ يُحَرِّمُ لَبَنُ الفَحْل، كَمَا هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ؟ وَإِنَّمَا يَخْتَصُّ الرَّضَاعُ بِالْأُمِّ فَقَطْ، وَلَا يَنْتَشِرُ إِلَى نَاحِيَةِ الْأَبِ كَمَا هُوَ لِبَعْضِ السَّلَفِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، (?) تَحْرِيرُ هَذَا كُلِّهِ فِي كِتَابِ "الْأَحْكَامُ الْكَبِيرُ ".

وَقَوْلُهُ: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} أَمَّا (?) أَمُّ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَى ابْنَتِهَا، سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ. وَأَمَّا الرَّبِيبَةُ وَهِيَ بِنْتُ الْمَرْأَةِ فَلَا تَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَى أُمِّهَا حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا، فَإِنْ طَلَّقَ الْأُمَّ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَهَا، وَلِهَذَا قَالَ: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [أَيْ] (?) فِي تَزْوِيجِهِنَّ، فَهَذَا خَاصٌّ بِالرَّبَائِبِ وَحْدَهُنَّ.

وَقَدْ فَهِمَ بعضُهم عَوْدَ الضَّمِيرِ إِلَى الْأُمَّهَاتِ [وَ] (?) الرَّبَائِبِ فَقَالَ: لَا تَحْرُمُ وَاحِدَةٌ مِنَ الأم ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015