حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنان، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: حُرمت عَلَيْكُمْ سَبْعٌ نَسَبًا، وَسَبْعٌ صِهْرًا، وَقَرَأَ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ} الْآيَةَ.

وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ (?) عَنْ عُمَير مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ، ثُمَّ قَرَأَ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأخِ وَبَنَاتُ الأخْتِ} فَهُنَّ (?) النَّسَبُ.

وَقَدِ اسْتَدَلَّ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَخْلُوقَةِ مِنْ مَاءِ الزَّانِي عَلَيْهِ بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبَنَاتُكُمْ} ؛ فَإِنَّهَا بِنْتٌ فَتَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَقَدْ حُكيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ شَيْءٌ فِي إِبَاحَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِنْتًا شَرْعِيَّةً، فَكَمَا لَمْ تَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} فَإِنَّهَا لَا تَرِثُ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَذَلِكَ لَا تَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} أَيْ كَمَا تَحْرُمُ (?) عَلَيْكَ أُمُّكَ الَّتِي وَلَدَتْكَ، كَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْكَ أُمُّكَ الَّتِي أَرْضَعَتْكَ؛ وَلِهَذَا رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ"، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: "يَحْرُم مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُم مِنَ النَّسَبِ" (?) .

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: كَمَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ إِلَّا فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سِتِّ صُوَرٍ، هِيَ (?) مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ مِثْلُ بَعْضِهَا فِي النَّسَبِ، وَبَعْضُهَا إِنَّمَا يَحْرُمُ مِنْ جِهَةِ الصِّهْرِ، فَلَا يَرِدُ (?) عَلَى الْحَدِيثِ شَيْءٌ أَصْلًا الْبَتَّةَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

ثُمَّ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي عَدَدِ الرَّضَعَاتِ الْمُحَرِّمَةِ، فَذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى أَنَّهُ يُحَرِّمُ مُجَرَّدُ الرَّضَاعِ لِعُمُومِ هَذِهِ الْآيَةِ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَيُحْكَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّب، وعُرْوَة بْنُ الزُّبَيْرِ، والزُّهْرِي.

وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يُحَرِّمُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ رَضَعَاتٍ لِمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تُحرِّم المصةُ وَالْمَصَّتَانِ" (?) .

وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015