طبيعي ولا وازع له عن فعلها، وفاعل المعصية يستحضر العقوبة عليها في الدّار الآخرة فشهوته تحمله عليها وتكلفه على فعلها وتوجب معاندته للوازع الديني.
وتقرير كلام الزمخشري كأنه على عكس هذا لكنه في الحقيقة راجع إلى هذا وهو أنّ الشّر مما تشتهيه النفوس وتأمر به فهي في تحصيله أعمل وأقوى اجتهادا (فجعلت) له مكتسبة ولما لم تكن كذلك في الخير وصفت بما لا دلالة فيه على الفعل والتكليف.
وقال ابن الصائغ في باب ما جاء من المعدول على فعال: لما كان الإنسان يثاب على قليل الخير وكثيره استعمل فيه اللّفظ العام للقليل والكثير وهو «كسب» ، ولما كانت الصغائر معفوا عنها بفضل الله عَزَّ وَجَلَّ جاء بلفظ الكثير إشعارا بأنها ليس عليها إلا ما فوق الصغائر قال هذا بعد أن ذكر أن: كَسَبَ واكْتَسَبَ إن اجتمعتا في كلام واحد كانت «كَسَبَ» عامة (في الأمرين) و «اكْتَسَبَ» خاصة بالكثير وإن انفردت إحداهما عمت في الأمرين.
وقال القرافي في قواعده: إنها تدل على أن المصائب لا يثاب عليها لأنها ليس للمكلف فيها اعتماد.
قلت: وفي شرح أبيات الجمل لابن هشام / النحوي حكى ابن جني عن الزجاج أنه يقال: جزيته في الخير وجازيته في