قوله تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ ... }
قال الزمخشري: «مَا» علم في كل شيء فإذا (علم) فرّق ب «ما» و «من» وكفاك دليلا قول العلماء «مَنْ» لما يعقل ولو قيل: من تعبدون، لم يعم إلا أولي العلم وحدهم.
قال ابن عرفة: إن قلت: جعل «مَا» عامة تقع على «مَا» وعلى «مَنْ» فتقسم الشيء إلى نفسه وإلى غيره؟
(قلتُ) : جعلها مشتركة بين الأعم والأخص، فتارة وضعت لأن تدل على كل شيء وتارة وضعت للاختصاص بمن يعقل. فإن قلت: كيف قال «من» لما يعقل فأطلق «ما» على العاقل وهي لا تصدق عليه إلا مع غيره؟
قلنا: عادة الطلبة يجيبون بأنّها إنّما أطلقت عليه مقيدا بالعقل وإنما تخص غير العاقل عند عدم القرينة كقولك: رأيت ما عندك.
الزمخشري: ويجوز أن يقال «مَا تَعْبُدُونَ» سؤال عن صفة المعبود.
وضعفه ابن عرفة لقولهم «نَعْبُدُ إلهك» فلم يجيبوا بالصفة وإنما يصح ذلك لو قالوا: نعبد القادر السميع البصير.
فإن قلت: لم قال: «من بعد» فاتى ب «من» المقتضية لأول الأزمنة البعدية مع أنه لا يتوهم مخالفتهم ورجوعهم عن دينهم إلا بعد طوال الزمان (وأما) بالقرب من موته فلا يزالون متَّبعين له ومقتفين (لآثاره) ؟