ولم يقل: أم كنتم حضورا، لأن لفظ الشهادة تفيد الضبط والإحاطة بعلم الشيء.
فإن قلت: مفهوم الآية أنهم لو حضروا لذلك لصح لهم الاحتجاج به مع أنه حجة عليهم لأن يعقوب إنما أوصى بنيه بعبادة الله سبحانه وتعالى وتوحيده؟
فالجواب: أن المعنى: أم كنتم شهداء إذ قال ذلك، أم تقولون هذه المقالة وتدعون أنه أوصاهم (بغير ذلك) .
قال ابن عرفة: لأن هذا الاستدلال على سبيل التقسيم عليهم والتنزل معهم على عادة المستدل، فأبطل قولهم بالدليل العقلي ثم احتج عليهم بالدليل السّمعي النّقلي فقيل لهم: أحضرتم لوصية يعقوب لبنيه، وتزعمون أنها كانت موافقة (لدعواكم) ، أي ما لكم دليل عقلي ولا نقلي.
وتقديم يعقوب وهو مفعول على الموت للاهتمام لأنّ الآية (نزلت) في معرض إقامة الحجة على الكفار وإقامة الحجة إنما هي بإسناد الأمر إلى يعقوب لا للموت.
قال ابن عطية: والمعنى إذا حضر يعقوب مقدمات الموت، وإلا فلو حضره الموت لما قال شيئا.
قال ابن عرفة: لا يحتاج إلى هذا إلا لو قيل إِذْ نَزَلَ (بيعقوب) الموت. وأما حضور الموت فهو أعم من (نزولها) و (مقاربة) نزولها.