وأعظم من تجبُ محبّتهُ في اللَّهِ تعالَى أنبياؤهُ ورسلهُ وأعظمُهم نبيُّه محمدٌ
- صلى الله عليه وسلم - الذي افترضَ اللَّهُ على الخلقِ كلِّهم متابعتَهُ، وجعلَ متابعتَهُ علامةً لصحةِ محبتِهِ، كما قالَ تعالى:
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) .
وتوعدَ من قدَّم محبةَ شيءٍ من المخلوقينَ على محبتهِ ومحبةِ رسولهِ - صلى الله عليه وسلم - ومحبة الجهادِ في سبيلِهِ في قوله تعالى:
(قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا) .
ووصفَ المحبينَ لهُ باللينِ للمؤمنينَ والرأفةِ بهم والمحبةِ لهم والشدةِ
على الكافرينَ والبغضِ لهم والجهادِ في سبيله فقال:
(فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ) الآية.
والثاني: محبة ما يحبُّه اللَّهُ تعالى من الأعمالِ وبها يبلغُ إلى حبِّه وفي هذا
إشارةٌ إلى أنَّ درجةَ المحبةِ للَّهِ تعالَى إنَّما تنالُ بطاعتِهِ وبفعلِ ما يحبُّه فإذا
امتثلَ العبدُ أوامرَ مولاهُ وفعلَ ما يحبُّه أحبَّهُ اللَّهُ تعالَى ورقَّاه إلى درجةِ
محبتهِ، كما في الحديثِ الإلهي الذي خرَّجهُ البخاريُّ:
"وما تقربَ إليَّ عبدي بمثلِ ما افترضتُ عليهِ ولا يزالُ عبدي يتقربُ إليَّ بالنوافلِ حتى أحبَّه".
فأفضلُ ما تُستجلبُ به محبةُ اللَّهِ عز وجل فعلُ الواجباتِ وتركُ
المحرماتِ، ولهذا جعلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من علاماتِ وجدانِ حلاوةِ الإيمان أن تكرَهَ