قولهُ - صلى الله عليه وسلم -

"وأسألكَ حبَّك وحبَّ من يحبُّك وحبَّ العملِ الذَّي يُبلغُني حبَّك"

هذا الدعاءُ يجمعُ كلَّ خيرٍ، فإن الأفعالَ الاختياريةَ من العبادِ إنما تنشأُ عن محبةٍ وإرادةٍ، فإنْ كانتْ محبةُ الله ثابتةً في قلبِ العبدِ نشأتْ عنهَا حركاتُ الجوارح فكانتْ بحسبِ ما يحبُّه اللَّهُ ويرتضِيهِ، فأحبَّ ما يحبُّه اللَّهُ عز وجلَّ من الأعمالِ والأقوالِ كُلِّها، ففعلَ حينئذٍ الخيراتِ كُلَّها وتركَ المنكراتِ كلَّها، وأحبَّ من يحبُّه الله من خلقه، وهذا الدعاءُ كانتِ الأنبياءُ عليهم السلامُ

يدعونَ به كما في الترمذي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:

"أن داودَ عليهِ السلام كان يقولُ:

اللهمَّ إنِّي أسألكَ حبَّكَ وحبَّ من يحبُّكَ، وحبَّ عملٍ يبلغني إلى حبِّك، اللهُم اجعلْ حبَّكَ أحبَّ إليَّ من نفسي وأهلِي ومن الماء الباردِ"

وفيه أيضًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو:

"اللهمَّ ارزقني حبَّكَ، وحبَّ من يحبُّكَ، وحبَّ عملٍ يبلغني إلى حبك، اللهمَّ ما رزقتَني مما أحبُّ فاجعلهُ قوةً لي فيما تحبُّ.

وما زويتَ عني مما أحبُّ فاجعلهُ فراغًا لي فيما تحبُّ ".

وفي حديثٍ مرسلٍ خرَّجهُ ابنُ أبي الدنيا وغيرُه أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَان يقولُ:

"اللهمَّ اجعلْ حبَّكَ أحبَّ الأشياءِ إليَّ، وخشيتَكَ أخوفُ الأشياءِ عنْدِي واقطعْ عنِّي حاجاتِ الدُّنيا بالشوقِ إلى لقائكَ وإذا أقررتَ أعينَ أهلِ الدنيا من دنياهم فأقررْ عيني في عبادتكَ "

ومن كانَ همُّه طلبَ محبةِ اللهِ عز وجل أعطاهُ اللَّهُ فوق ما يريدُهُ

من الدُّنيا تبعًا.

قال بعضُ السلفِ: لما توفِّي داودُ عليه السلامُ أرسلَ اللَّهُ عز وجل إلى

سليمانَ عليهِ السلامُ ألكَ حاجةٌ تسألني إيَّاها؟

فقالَ سليمانُ: أسألُ اللَّهَ أن يجعلَ قلبي يحبُّه كما كانَ قلبُ أبي داودَ يحبُّه، وأن يجعلَ قلبِي يخشاهُ كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015