بخيرٍ، وماتَ بخير، وكان مِنْ خطيئتِه كيوم ولدتْهُ أمُّه "
وهذه الخصال المذكورةُ الأغلبُ عليها تكفيرُ السيئات، ويحصلُ بها أيضًا رفعُ الدرجاتِ كما في "صحيح مسلمٍ " عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:
"ألا أدلكم على ما يمحُو اللَّهُ به الخطايا ويرفعُ به الدرجاتِ؟ "
قالُوا: بلى يا رسول اللَّه، قال:
"إسباغُ الوضوءِ على المكارِهِ، وكثرة الخطا إلى المساجدِ، وانتظارُ الصلاةِ بعدَ الصلاةِ، فذلكُم الرباطُ فذلِكُم الرباط ".
وقد رُوي هذا المعنى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من وجوهٍ متعددة، فهذه ثلاثةُ أسبابُ يُكفِّر اللَّهُ بها الذنوبَ:
أحدها: الوضوء، وقد دلَّ القرآنُ على تكفيره الذنوب في قولهِ عزَّ وجلَّ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) إلى قوله: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) .
فقولُهُ تعالى: (لِيطَهِّرَكمْ) يشمل طهارةَ ظاهرِ البدنِ بالماءِ.
وطهارةَ الباطنِ من الذنوبِ والخطايا، وإتمامُ النعمةِ إنما يحصلُ بمغفرةِ الذنوبِ وتكفيرها كما قال تعالى لنبيِّه - صلى الله عليه وسلم -:
(لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) .
وقد استنبط هذا المعنى محمدُ بنُ كعبٍ القرظيُّ، ويشهدُ له الحديثُ الذي
خرَّجه الترمذيُّ وغيرُه، عن معاذٍ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعَ رجلاً يدعو يقول: اللَّهُمَّ إني أسألك تمامَ النعمة، فقال له: "أتدري ما تمامُ النعمة؟ " قال: دعوةٌ دعوتُ بها أرْجو بها الخيرَ.
فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
"إنَّ تمامَ النعمة: النجاةُ منَ النارِ ودخولُ الجنةِ"،