سمِعَ ابنُ عباسِ يومًا منْ يروي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - شيئًا مِنْ هذه الأحاديثِ، فانتفضَ رجلٌ استنكارًا لذلك فقال ابنُ عباسٍ:
ما فرقُ هؤلاءِ يجدونَ رِقَّةً عندَ مُحْكمه ويهلكونَ عندَ مُتَشابِهه "
خرَّجه عبدُ الرزاقُ في كتابه عن معمرٍ
عن ابنِ طاوسِ عن أبيه عن ابنِ عباسٍ - رضي الله عنهما -، كلما سمعَ المؤمنون شيئًا منْ هذه الكلامِ قالوا: هذا ما أخبرنا اللَّهُ ورسولُه وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليمًا.
وفيه دلالةٌ على أنَّ الملأَ الأعْلى وهُم الملائكةُ أو المُقرَّبونَ منهم يختصمونَ
فيما بينهم ويتراجعونَ القولَ في الأعمالِ التي تُقربُ بني آدمَ إلى اللَّهِ عزَّ
وجلَّ وتُكَفَّرُ بها عنهم خطاياهُم وقد أخبرَ اللَّهُ عنهم بأنهم يستغفرون للذين
آمنوا ويدْعون لهُمْ.
وفي الحديثِ الصحيح: "إنَّ اللَّهَ إذا أحبَّ عبْدًا نادى إنِّي
أحبُّ فلانًا فأحبَّه، فيحبُّه جبريلُ ثم ينادِي في السماءِ أنَّ اللَّهَ يحبُّ فلانًا فأحبِّوه فيحبَّه أهلُ السماءِ، ثم يوضعُ له القَبولُ في الأرضِ ".
وقال أبو هريرة - رضي الله عنه -:
إذا ماتَ ابنُ آدمَ قال الناسُ: ما خلفَ؟
وقالتْ الملائكةُ: ما قدَّمَ؛ فالملائكةُ يسألون عن أعمالِ بني آدمَ ولهُمْ اعتناءٌ بذلك واهتمامٌ به، وبقي الكلامُ على المقصودِ من الحديثِ، وهو ذِكْرُ الكفَّاراتِ والدرجاتِ والدعواتِ، ونعقدُ لكلِّ واحدةٍ منها فصْلاً مُفْردًا.
الفصل الأول: في ذكر الكفَّاراتِ:
وهو إسباغُ الوضوءِ في الكريهاتِ، ونقْلُ الأقدامِ إلى الجُمعاتِ أو
الجَماعاتِ، والجلوسُ في المساجدِ بعدَ الصلواتِ، وسُميِّتْ هذه كفَّاراتٌ لأنها
تُكَفِّرُ الخطايا والسيئاتِ، ولذلك جاء في بعضِ الرواياتِ:
"مَنْ فعل ذلك عاشَ