قالَ: عالمٌ باللَّهِ عالمٌ بالعلم، حمادُ بن سلمةَ، عالمٌ باللَّه ليس بعالم بالعلم
مثل أبي الحجاج العابدِ، عالمٌ بالعلم ليسَ بعالم باللَّه فلانٌ وفلانٌ وذكر
بعضَ الفقهاءِ.
وروى الثوريُّ عن أبي حيَّان التميمي سعيدِ بنِ حيَّانَ عن رجلٍ قالَ: كانَ
يُقال: العلماءُ ثلاثةٌ: "فعالمٌ باللَّه ليس عالمًا بأمرِ اللَّهِ، وعالمٌ بأمرِ اللَّهِ ليس
عالمًا باللَّهِ، وعالمٌ باللَّه عالمٌ بأمرِ اللَّهِ ".
فالعالمُ باللَّهِ وبأوامر اللَّه: الذي يخشى اللَّهَ ويعلمُ الحدودَ والفرائضَ.
والعالمُ باللَّه ليس بعالم بأمرِ اللَّه: الذي يخشى اللَّهَ ولا يعلمُ الحدودَ
والفرائضَ.
والعالمُ بأمرِ اللَّه ليس بعالم باللَّهَ: الذي يعلمُ الحدودَ والفرائضَ، ولا
يخشى اللَّهَ عزَّ وجلًّ.
وأما بيانُ أنَّ انتفاءَ الخشيةِ ينتفي مع العلم، فإنَّ العلمَ له موجب ومقتضى.
وهو اتباعُهُ والاهتداءُ به وصدُّه الجهل، فإذا انتفتْ فائدتُهُ ومقتضاهُ، صارَ
حالُهُ كحالِهِ عند عدمِهِ وهو الجهلُ، وقد تقدَّم أن الذنوبَ إنَّما تقعُ عن
جهالةٍ، وبيَّنا دلالةَ القرآنِ على ذلكَ وتفسيرَ السلفِ له بذلكَ، فيلزمُ حينئذٍ أن ينتفي العلمُ ويثبتُ الجهلُ عند انتفاءِ فائدةِ العلم ومقتضاهُ وهو اتباعُهُ، وم
هذا البابِ قولُهُ تعالى: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا) .
وقولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:
"إذا كان أحدُكُم صائمًا فلا يرفثْ ولا يجهلْ فإنِ امرؤٌ شاتَمَه أو قاتَلهُ
فليقلْ: إني امرؤٌ صائمٌ "
وهذا كما يوصفُ من لا ينتفعُ بسمْعِهِ وبصر وعقلِهِ