وقالَ عليّ: أقيمُوا الحدودَ على ما ملكتْ أيمانُكُم.
وأمَّا قولُه - صلى الله عليه وسلم - في حديثِ أبي بُردةَ:
"لا يُجلَدُ فوقَ عشرِ جلداتٍ إلا في حدٍّ من حدودِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ ".
فقد اختَلَفُوا في المراد بالحدِّ هُنا: هل هو الحدودُ
المقدَّرةُ شرْعًا، أم المُرادُ بالحدِّ ما حدَّه اللَّهُ ونهى عن قُربانِهِ، فيدخلُ فيه سائرُ
المعاصِي، ويكونُ المرادُ: النهيَ عن تجاوزِ العشرِ جلداتٍ بالتأديبِ ونحوه، مما
ليسَ عقوبةً على محرَّمٍ.
هذا فيه اختلافٌ مشهور بين العلماءِ.
وقالَ تعالى: (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْم يَعْلَمُونَ) .
وقال تعالى: (الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ) .
والمُرادُ بحدودِ اللَّهِ هَاهُنا: ما يفصلُ بينَ الحلالِ والحرامِ، ويتميَّزُ به أحدُهُما
من الآخرِ.
وقد مدحَ اللَّهُ الحافظينَ لحدودِهِ في قولِهِ: (وَالْحَافِظُونَ لِحُدودِ اللَّهِ) .
وفي الحديث المرفوع منْ حديثِ عمرِو بنِ شعيبٍ، عنْ أبيه عنْ جدِّه:
"يمثَّلُ القرآنُ رجُلاً يومَ القيامةِ فيُؤْتَى بالرجلِ قدْ حمَلَهُ فخالفَ أمرَهُ ونهيَهُ، فيمثَّلُ له خَصْمًا فيقولُ: يا ربِّ حفَلتَهُ إياى فبئس حَامِلٍ. تعدَّى حدُودِي وضيَّعَ فرائِضي وركبَ معصَيتي.