وبهذا المعنى، يُقال: لا تقربُوا حدودَ اللَّه؛ كما قال تعالى: (تِلْكَ حُدُودُ
اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا) ، بعد أن نهى عن ارتكابِ المفطراتِ في نهارِ
الصيامِ، وعن مباشرةِ النساءِ في الاعتكافِ في المساجدِ.
فأرادَ بحدودِهِ هاهُنا: ما نَهَى عنه؛ فلذلكَ نَهَى عن قُربَانِهِ.
فإنَّه تعالى جعلَ لكلِّ شيءٍ حدًّا، فجعلَ للمباح حدًّا، وللحرامِ حدًّا، وأمرَ
بالاقتصارِ على حدِّ المباح وأنْ لا يُتعَدَّى. ونَهَى عن قربانِ حدِّ الحرامِ.
وممَّا سُمِّي فيه المحرماتُ حُدودًا: قولُ النبيِّ - عز وجل -:
"مثلُ القائم على حدودِ اللَّهِ والمدهنِ فيها كمثلِ قومٍ استهمُوا سفينةً" الحديثُ المعروف.
والمرادُ بالقائم على حدودِ اللَّهِ: المنكرُ للمحرماتِ والناهي عنها.
وفي حديثِ ابنِ عباسٍ، عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:
"أنا آخذٌ بحُجزِكم اتَّقوا النارَ اتقوا الحدود" قالَها ثلاثاً". خرَّجه الطبرانيُّ والبزار. ومرادُهُ بالحدودِ: محارم اللَّه ومعاصيهِ، وقد تُطلقُ الحدودُ باعتبارِ العُقوباتِ المقدَّرةِ الرادعةِ عن الجرائم المغَلَّظةِ. فيُقالُ: حدُّ الزِّنا، حدُّ السرقة، حدُّ شربِ الخمر، وهو هذا المعروف من اسم الحدودِ في اصطلاح الفقهاءِ، ومنهُ قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأسامةَ:
"أتشفعُ في حدٍّ من حدودِ اللَّهِ؟ " لمَّا شفع في المرأة التي سرَقَتْ.
وفي حديث: "أقيموا الحدودَ في الحضرِ والسفرِ على القريبِ والبعيدِ".