وقوله: (وَتُوبوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) .

وقوله: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) .

والظاهرُ: أن هذا في حقِّ التائبِ، لأنَّ الاعترافَ يقتضي الندمَ، وفي

حديث عائشةَ عن النبيئَ - صلى الله عليه وسلم - قال:

"إنَّ العبدَ إذا اعترفَ بذنبِهِ، ثم تابَ، تاب اللَّه عليه "

والصحيحُ قول الأكثرينَ.

وهذه الآياتُ لا تدلُّ على عدمِ القطع، فإنَّ الكريمَ إذا أطمعَ، لم يقطعْ

من رجائِهِ المُطمَع، ومنْ هنا قال ابنُ عباسٍ: إنَّ "عسى" من اللَّهِ واجبة، نقله

عنه عليٌّ بنُ أبي طلحة.

وقد وردَ جزاءُ الإيمانِ والعملِ الصالح بلفظِ: "عسى" أيضًا، ولم يدل

ذلك على أنه غير مقطوع به، كما في قولِهِ: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَاتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) .

وأما قولُهُ: (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ) ، فإنَّ التائبَ ممن شاء

أن يغفرَ له، كما أخبرَ بذلك في مواضعَ كثيرة من كتابِهِ.

وقد يُراد بالحسنةِ في قولِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -:

"أتبع السيئة الحسنة" ما هو أعمُّ من التوبة، كما في قولهِ تعالى:

(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ

يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015