ومنهم: من رَخَّص لهم في دخولِ مساجدِ الحِلِّ في الجملةِ.

ومنهم: من فرَّق بين أهلِ الكتابِ والمشركينَ، فرَخَّصَ فيه لأهلِ الكتابِ

دونَ المشركينَ.

وقد أفردَ البخاريُ بابًا لدخولِ المشركِ المسجدَ، ويأتي الكلام على هذه

المسألة هناك مستوفى - إنْ شاء اللَّه تعالى.

واتفقُوا على مَنْع الكفارِ منْ إظْهَارِ دِينِهِم في مساجدِ المسلمين، لا نعلم في

ذلك خلافًا.

وهذا مما يدلُّ على اتفاقِ الناسِ على أنَّ العمارةَ المعنوية مرادةٌ من الآيةِ.

واختلفُوا في تمكينِهم من عمارةِ المساجدِ بالبُنْيانِ والترميم ونحوه على

قولين:

أحدهما: المنع منْ ذلك، لدخولِه في العمارةِ المذكورةِ في الآيةِ، ذكرَ ذلك

كثيرٌ من المفسرينَ كالواحدي وأبي الفرج ابنِ الجوزيِّ، وكلام القاضي

أبي يعْلى في كتابِ "أحكام القرآنِ " يوافقُ ذلك وكذلك كِيَا الهراسي - من

الشافعيةِ -، وذكره البغويُّ منهم احتمالاً.

والثاني: يجوزُ ذلك، ولا يُمنعونَ منه، وصرَّح به طائفةٌ من فقهاءِ أصحابِنا

والبغويّ من الشافعية وغيرهم.

وهؤلاءِ، منهم مَنْ حملَ العمارةَ على العمارةِ المعنويةِ خاصة، ومنهم منْ

قالَ: الآية ُ إنما أُريد بها المسجد الحرامُ، والكفارُ ممنوعونَ من دخولِ الحرمِ على كل وَجْهٍ، بخلاف بقيةِ المساجدِ، وهذا جوابُ ابنِ عقيل من أصحابِنا.

وقد رُوي عن عُمَرَ بن عبدِ العزيزِ، أنه استعملَ طائفةً من النصارى في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015