وقوله: (مَا كانَ لِلْمُشْرِكينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ) ، وقُرِئ: "مسْجدَ
اللهِ ".
فَقيل: إنَّ المرادَ به جميعُ المساجد على كِلا القراءتينِ، فإنَّ المفردَ المضافَ
يعمُّ، كقوله: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ) .
وقيلَ: المرادُ بالمسجدِ المسجدُ الحرامُ خاصة، كما قال: (وَمَا كانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَقُونَ) .
وقيلَ: إنه المرادُ بالمساجدِ على القراءةِ الأخرى، وأنه جَمَعَه لتعددِ بِقَاع
المناسكِ هناك، وكلُّ واحد منها في معنى مسجد.
رُوي ذلك عن عكرمة. واللَّهُ أعلمُ.
فمَنْ قالَ: إنَّ المرادَ به المسجدُ الحرامُ خاصَّة، قال: لا يُمكَّن الكفارُ من
دخولِ الحرمِ كله، بدليل قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) .
وجمهورُ أهلِ العلم على أنَّ الكفارَ يُمْنَعُون من سُكْنى الحرم، ودخولِهِ
بالكليّة، وعمارته بالطواف وغيرِه، كما أمرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - منْ يُنادي: "لا يحج بعد العام مشركٌ ". ً
ورَخَّصَ أبو حنيفة لهم في دخولِهِ دونَ الإقامةِ به.
ومنْ قال: المرادُ جميعُ المساجدِ، فاختلفُوا:
فمنهم: مَنْ قال: لا يُمكنُ الكفارُ من قُربان مسجد من المساجد، ودخوله
بالكليّة.