ذلكَ المسكِ والريحانِ، وطويتْ عليها الحريرةُ، وبُعثِ بها إلى عليين.
وإنَّ الكافرَ إذا احتضرَ أتتْهُ الملائكةُ بمسحٍ فيه جمرةٌ، فتنزعُ روحُهُ نزعًا شديدًا، ويقالُ: أيتها النفس الخبيثةُ، اخرجِي ساخطةً مسخوطًا عليكِ إلى هوانِ اللَّهِ وعذابِهِ، فإذا أُخرجَتْ روحُه وُضِعَتْ على تلكَ الجمرةِ، فإنَّ لها نشيشًا، يُطوى عليها المسحُ ويذهبُ بها إلى سِجِّين ".
وخرَّجه النسائيُّ وغيرُه، من حديثِ قتادةَ، عن أبي الجوزاءِ عن
أبي هريرةَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولفظُهُ مخالفٌ لما قبلَهُ، وذكرَ فيه في روح المؤمنِ: حين ينتهوا به إلى السماءِ العُليا، وقال في روح الكافرِ، حينَ ينتهوا به إلى الأرضِ السّفلى.
وقد ذكرنا فيما تقدَّم عن ابنِ مسعودٍ: أنَّ الروحَ بعدَ السؤالِ في القبرِ تُرفع
إلى عليينَ، وتلا قولَهُ تعالى: (كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِيِّينَ) .
وقالتْ فرقة: تجتمعُ الأرواحُ بموضع من الأرضِ، كما روى همامُ بنُ يحيى
المسعوديُّ، عن قتادةَ: قالَ: حدثني رجل، عن سعيدِ بن المسيبِ، عن
عبدِ اللَّهِ بن عمرٍو، قالَ: إنَّ أرواحَ المؤمنينَ تجتمعُ بالجابيةِ، وأمَّا أرواحُ الكفارِ فتجمعُ بسبخةٍ بحضرموت، يُقال لهُ: برهوتُ، خرَّجه ابنُ منده.
ورواه هشامُ الدستوائيُّ، عن قتادةَ، عن سعيدِ بن المسيبِ من قولِهِ، ولم
يذكرْ عبدَ اللَّهِ بنِ عمرو، خرَّجه من طريقِ ابنِ أبي الدنيا، وقد تبيّنَ أن قتادةَ
لم يسمعْه من سعيدٍ، إنما بَلَغَه عنه ولا يدرِ عَمَّن أخذهُ.
وخرَّج ابنُ منده، من طريقِ فراتِ القزازِ، عن أبي الطفيلِ، عن علي.
قال: شرُّ وادٍ بئر في الأحقافِ: برهوتُ، بئرٌ في حضرمَوت، ترده
أرواحُ الكفارِ.