نضربَ أكبادَها إلى برك الغمادِ لفعلنا، وقال له المقدادُ: لا نقُول لكَ كمَا
قالَ بنو إسرائيل لموسى: (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)
ولكن نقاتلُ عن يمينِكَ وشمالك، وبينَ يديكَ، ومِن خلفكَ.
فَسُرَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك وأجمعَ على القتالِ.
وبات تلكَ الليلةَ، ليلةَ الجمعةِ سابعَ عشرَ رمضانَ قائمًا يُصلّى ويبكِي
ويدعُو اللَّه ويستنصرُهُ على أعدائِهِ.
وفي "المسندِ" عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ، قالَ: "لَقَدْ رأيتُنا وما فينا إلا
نائمٌ، إلا رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تحتَ شجرة يُصلِّي ويبكي حتَى أصبحَ ".
وفيه عنه أيضًا، قال: أصابنا طَشٌّ من مطرٍ، يعني ليلَةَ بدْرٍ، فانطلقنا
تحتَ الشَّجرِ والحَجَفِ نستظلُّ بها من المطرِ، وبات رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو ربَّهُ، ويقول:
"إن تُهْلكْ هذه الفئةَ لا تُعْبَدْ".
فلمَّا أن طلعَ الفجر نادى: الصلاةَ عبادَ اللَّهِ، فجاءَ الناسُ من تحت الشَّجر والحجفِ، فصلَّى بنا رسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -.
وحثَّ على القتال.
وأمدَّ اللَّهُ تعالى نبيَّهُ والمؤمنينَ بنصرٍ من عندِه وبجند من جندِه، كما
قالَ تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) .