وفي "سنن أبي داودَ" من حديثِ عبدِ اللَّهِ بن عمرو، قالَ: خرجَ

رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يومَ بدر في ثلاثمائةِ وخمسةَ عشرَ من المقاتلةِ، كما خرجَ طالُوت، فدعا لهم رسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - حينَ خرجُوا، فقالَ: "اللهمَّ، إنَّهم حُفَاةٌ فاحْملهُم، وإنَّهم عُراةٌ فاكسُهُم، وإنهم جياعٌ فأشبعْهُم ".

ففتحَ اللَّهُ يومَ بدرٍ، فانقلبُوا حينَ انقلبوا وما فيهم رجلٌ إلا وقد رجع بجملِ أو جملين، واكتسوا وشبعُوا، وكان أصحابُ النبي - صلى الله عليه وسلم - حين خرجُوا على غايةٍ من قلَّة الظهرِ والزاد؛ فإنَّهم لم يخرجوا مستعدين لحربٍ، ولا لقتالٍ، إنَّما خرجُوا لطلبِ العير، فكانَ معهُم نحو سبعينَ بعيرًا يعتقبونها بينهم، كُل ثلاثة على بعير.

وكان للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - زميلان، فكانوا يعتقبونَ على بعير واحدِ، فكان زميلاه يقولان لَهُ: يا رسولَ اللَّه، اركبْ حتَّى نمشيَ عنك، فيقولُ: ما أنتما بأقوَى على المشي منِّي، ولا أنا بأغنى عن الأجرِ منكُما، ولم يكنْ معهُمَا إلا فرسانِ، وقِيلَ: ثلاثة، وقيل: فر سٌ واحدٌ للمقدادِ.

وبلغَ المشركينَ خروجُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لطلبِ العيرِ، فأخذَ أبو سُفيان بالعِير نحو الساحلِ، وبعثَ إلى أهلِ مكَّة يخبرُهُم الخيرُ، ويطلبُ منهم أن ينفروا لحمايةِ عِيرهم، فخرجُوا مستصرخين، وخرجَ أشرافُهم ورؤساؤُهم، وسارُوا نحوَ بدْرٍ، واستشارَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المسلمينَ في القتالِ فتكلَّم المهاجرونَ فسكتَ عنهُم.

وإنما كانَ قصدُه الأنصارَ لأنَه ظنَّ أنَهم لم يبايعوه إلا على نُصْرته على من

قصدهُ في ديارِهِم، فقام سعد بنُ عُبادةَ، فقالَ: إيَّانا تريدُ، يعني الأنصارَ.

والذي نفسِي بيدِه، لو أَمرتَنا أن نَخِيضَها البحرَ لأخضناها، ولو أمرْتنا أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015